والفجور ، وقيل : إنها أكلت ما فيها إلا أسماء الله عزوجل ، فأخبر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمه أبا طالب ، فجاء أبو طالب إلى قريش فقال : إن ابن أخى قد أخبرني بخبر عن صحيفتكم ، فإن الله قد سلط عليها الأرضة فأكلتها إلا ما فيها من أسماء الله ، أو كما قال: فأحضروها ، فإن كان كما قال وإلا أسلمته إليكم ، فأنزلوها ففتحوها فإذا الأمر كما أخبر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعند ذلك نقضوا حكمها ودخلت بنو هاشم وبنو المطلب مكة ، ورجعوا إلى ما كانوا عليه قبل ذلك ، كما أسلفنا ذكره ولله الحمد ، ومن ذلك حديث خباب ابن الأرت ، حين جاء هو وأمثاله من المستضعفين يستنصرون النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو يتوسد رداءه فى ظل الكعبة فيدعو لهم لما هم فيه من العذاب والإهانة ، فجلس محمرا وجهه وقال : إن من كان قبلكم كان أحدهم يشق باثنتين ما يصرفه ذلك عن دينه ، والله ليتمن الله هذا الأمر ولكنكم تستعجلون.
ومن ذلك الحديث الّذي رواه البخارى : حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا حماد بن أسامة عن يزيد بن عبد الله بن أبى بردة عن أبيه عن جده أبى بردة عن أبى موسى ، أراه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : رأيت فى المنام أنى أهاجر من مكة إلى أرض فيها نخل ، فذهب وهلى إلى إنها اليمامة أو هجر (١) ، فإذا هى المدينة يثرب ، ورأيت فى رؤياى هذه أنى هززت سيفا فانقطع صدره ، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ، ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان ، فإذا هو ما جاء به من الفتح واجتماع المؤمنين ، ورأيت فيها بقرا والله خير ، فإذا هم المؤمنون يوم أحد (٢) ، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير وثواب الصدق الّذي أتانا بعد يوم بدر ، ومن ذلك قصة سعد بن معاذ مع أمية بن خلف حين قدم عليه مكة.
قال البخارى : حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا عبيد الله ابن موسى ، حدثنا
__________________
(١) هجر : مدينة بالبحرين.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب المغازي (٤٠٨١) (١١ / ٥٥٥).