مدائنها وفيفائها ، قال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)) (١) وقال تعالى : (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ) (٢) الآية ، وهكذا وقع ، لما رجعصلىاللهعليهوسلم من غزوة تبوك كان قد تخلف عنه طائفة من المنافقين ، فجعلوا يحلفون بالله لقد كانوا معذورين فى تخلفهم ، وهم فى ذلك كاذبون ، فأمر الله رسوله أن يجرى أحوالهم على ظاهرها ، ولا يفضحهم عند الناس ، وقد أطلعه الله على أعيان جماعة منهم أربعة عشر رجلا كما قدمناه لك فى غزوة تبوك ، فكان حذيفة بن اليمان ممن يعرفهم بتعريفه إياه صلىاللهعليهوسلم. وقال تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً (٧٦)) (٣) وهكذا وقع ، لما اشتوروا عليه ليثبتوه : أو يقتلوه أو يخرجوه من بين أظهرهم ، ثم وقع الرأى على القتل ، فعند ذلك أمر الله رسوله بالخروج من بين أظهرهم ، فخرج هو وصديقه أبو بكر ، فكمنا فى غار ثور ثلاثا ، ثم ارتحلا بعدها كما قدمنا ، وهذا هو المراد بقوله : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠)) (٤) وهو المراد من قوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٣٠)) (٥) ولهذا قال : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً (٧٦)) (٦)
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية : ٣٣.
(٢) سورة التوبة ، الآية : ٩٥.
(٣) سورة الإسراء ، الآية : ٧٦.
(٤) سورة التوبة ، الآية : ٤٠.
(٥) سورة الأنفال ، الآية : ٣٠.
(٦) سورة الإسراء ، الآية : ٧٦.