المتقدمة ، فيما جاء به من القرآن.
وفيما ورد عنه من الأحاديث الصحيحة كما تقدم ، وهو مع ذلك من أعقل الخلق باتفاق الموافق والمفارق ، يدل على صدقه فى ذلك قطعا ، لأنه لو لم يكن واثقا بما أخبر به من ذلك ، لكان من أشد المنفرات عنه ، ولا يقدم على ذلك عاقل ، والغرض أنه من أعقل الخلق حتى عند من يخالفه ، بل هو أعقلهم فى نفس الأمر ، ثم إنه قد انتشرت دعوته فى المشارق والمغارب ، وعمت دولة أمته فى أقطار الآفاق عموما لم يحصل لأمة من الأمم قبلها ، فلو لم يكن محمد صلىاللهعليهوسلم نبيا ، لكان ضرره أعظم من كل أحد ، ولو كان كذلك لحذر عنه الأنبياء أشد التحذير ، ولنفروا أممهم منه أشد التنفير ، فإنهم جميعهم قد حذروا من دعاة الضلالة فى كتبهم ، ونهوا أممهم عن اتباعهم والاقتداء بهم ، ونصوا على المسيح الدجال ، الأعور الكذاب ، حتى قد أنذر نوح ـ وهو أول الرسل ـ قومه ، ومعلوم أنه لم ينص نبى من الأنبياء على التحذير من محمد ، ولا التنفير عنه ، ولا الأخبار عنه بشيء خلاف مدحه ، والثناء عليه ، والبشارة بوجوده ، والأمر باتباعه ، والنهى عن مخالفته ، والخروج من طاعته ، قال الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٨٢)) (١) قال ابن عباس رضى الله عنهما : ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به وليتبعنه ، رواه البخارى ، وقد وجدت البشارات به صلىاللهعليهوسلم فى الكتب المتقدمة وهى أشهر من أن تذكر ، وأكثر من أن تحصر ، وقد وجدت البشارات به صلىاللهعليهوسلم فى الكتب المتقدمة وهى أشهر من أن
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآيتان : ٨١ ـ ٨٢.