لا نرجمه حتى يرجم فلانا ابن عمه ، فاصطلحوا بينهم على هذه العقوبة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فإنى أحكم بما حكم فى التوراة ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بهما فرجما ، قال الزهرى : وبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا) (١) وله شاهد فى الصحيح عن ابن عمر ، قلت : وقد ذكرنا ما ورد فى هذا السياق من الأحاديث عند قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ) (٢) يعنى الجلد والتحميم الّذي اصطلحوا عليه وابتدعوه من عند أنفسهم ، يعنى إن حكم لكم محمد بهذا فخذوه ، (وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) (٣) ، يعنى وإن لم يحكم لكم بذلك فاحذروا قبوله ، قال الله تعالى : (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٤١)) (٤) إلى أن قال: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣)) (٥) فذمهم الله تعالى على سوء ظنهم وقصدهم بالنسبة إلى اعتقادهم فى كتابهم ، وأن فيه حكم الله بالرجم ، وهم مع ذلك يعلمون صحته ، ثم يعدلون عنه إلى ما ابتدعوه من التحميم والتجبية.
وقد روى هذا الحديث محمد بن إسحاق عن الزهرى قال : سمعت رجلا من مزينة يحدث سعيد بن المسيب أن أبا هريرة حدثهم فذكره ، وعنده
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٤٤.
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٤١.
(٣) سورة المائدة ، الآية : ٤١.
(٤) سورة المائدة ، الآية : ٤١.
(٥) سورة المائدة ، الآية : ٤٣.