والله لقد جئتك وما على ظهر الأرض أبغض إلى منك ، وإنك اليوم أحب إلى من والدى ومن عينى ومنى ، وإنى لأحبك بداخلى وخارجى ، وسرى وعلانيتى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فقال رسول الله : الحمد لله الّذي هداك بى ، إن هذا الدين يعلو ولا يعلى ولا يقبل إلا بصلاة ، ولا تقبل الصلاة إلا بقرآن ، قال : فعلمنى ، فعلمه (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١)) (١) ، قال : زدنى فما سمعت فى البسيط ولا فى الوجيز أحسن من هذا ، قال : يا أعرابى إن هذا كلام الله ، ليس بشعر ، إنك إن قرأت (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١)) مرة كان لك كأجر من قرأ ثلث القرآن ، وإن قرأتها مرتين كان لك كأجر من قرأ ثلثي القرآن ، وإذا قرأتها ثلاث مرات كان لك كأجر من قرأ القرآن كله ، قال الأعرابى : نعم الإله إلهنا. يقبل اليسير ويعطى الجزيل. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ألك مال؟ فقال : ما فى بنى سليم قاطبة رجل هو أفقر منى ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه. اعطوه ، فأعطوه حتى أبطروه (٢) ، قال: فقام عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله ، إن له عندى ناقة عشراء (٣) ، دون البختية(٤) وفوق الأعرى (٥) ، تلحق ولا تلحق أهديت إلى يوم تبوك ، أتقرب بها إلى الله عزوجل فأدفعها إلى الأعرابى؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وصفت ناقتك ، فأصف ما لك عند الله يوم القيامة؟ قال : نعم ، قال : لك ناقة من درة جوفاء قوائمها من زبرجد أخضر وعنقها من زبرجد أصفر عليها هودج ، وعلى الهودج السندس والاستبرق ، وتمرّ بك على الصراط كالبرق الخاطف. يغبطك بها كل من رآك يوم القيامة» فقال عبد الرحمن : قد رضيت. فخرج الأعرابى فلقيه ألف أعرابى من بنى سليم
__________________
(١) سورة الإخلاص ، الآية : ١.
(٢) أبطروه : أشبعوه بالنعم.
(٣) العشراء : التي مضى على حملها عشرة أشهر.
(٤) البختية : الإبل الخراسانية وهي جمال طوال الأعناق.
(٥) الأعرى : الجمل الذي يرسل سدى ولا يحمل عليه.