أما لغة فلان أهل اللغة نصوا على ذلك ، وقد ذكره المبرد في كتاب له في صفات الله تعالى ان الولي هو الاولى بالتصرف. وقال الكميت يمدح أمير المؤمنين عليهالسلام :
فنعم ولي الامر بعد وليه |
|
ومستجمع التقوى ونعم المؤدب |
وأما عرفا فقولهم لمن ترشح للخلافة «ولي العهد» ، وقولهم «السلطان ولي من لا ولي له».
وأما شرعا فقوله عليهالسلام : «أيما امرأة نكحت نفسها بغير اذن وليها فنكاحها باطل» أي من هو أولى بالعقد عليها. وقولهم «ولي الدم». والكل من هذه الاستعمالات يفيد الاولى بالتصرف ، واذا كان كذلك وجب أن يكون حقيقة فيه ، والا كان مجازا اذ الاصل عدمه ، واذا كان حقيقة فيه وجب أن لا يكون حقيقة في غيره ، والا لزم الاشتراك ، وهو خلاف الاصل.
ان قلت : قد ورد الولي بمعنى الصديق والناصر ، والاصل في الاستعمال الحقيقة ، فيكون مشتركا ، وخلاف الاصل يصار إليه للدليل ، فلم لا يجوز أن يكون المراد أحد المعنيين المذكورين؟ وحينئذ لا دلالة فيه على مطلوبكم.
قلت : حيث بينا أنه حقيقة في الاولى كان مجازا في غيره ، وان كان مستعملا ثم. ولئن سلمنا ما ذكرتم ، لكن لا يجوز أن يكون المراد بالولي هنا الصديق ، لانه كلام متهافت لا طائل تحته. ولا الناصر لان نصرة المؤمنين عامة بدليل قوله (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (١).
ونحن نستدل على أن المراد بالذين آمنوا هنا بعض المؤمنين ، فيلزم أن يكون للبعض الاخر غير ناصرا ، لما ذكرنا من إرادة الحصر ، وذلك مناقض للآية المذكورة ، والتناقض في كلامه تعالى محال.
__________________
(١) سورة التوبة : ٧١.