والثاني هم الكفار وأطفال المؤمنين ، فان السمع متواتر باعادتهم ، ولا خلاف بين المسلمين فيه ، ولكن لا دليل عقلي على وجوب اعادتهم. أما الكفار فلان استحقاق العقاب على المعصية سمعي. وأما الاطفال فلعدم اشتراط الثواب بالنسبة إليه ، لكنه تعالى وعد ببعثهم لقوله (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) (١) وكذا من عدا هؤلاء كاطفال الكفار والوحوش لقوله (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (٢) لكن أطفال الكفار لا يجوز معاقبتهم ، ويجوز الانعام عليهم لعموم (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) (٣).
[مباحث الوعد والوعيد]
قال : البحث السابع ـ في استحقاق المطيع للثواب والمعاصي للعقاب : والثواب هو : النفع المستحق المقارن للتعظيم والاجلال. وقد اختلف في استحقاقه بالطاعة ، فالذي عليه المعتزلة ذلك ، ونازع فيه الاشاعرة والكعبي والبلخي.
لنا : أن التكليف مشقة ، فان لم يستلزم عوضا كان قبيحا ، فذلك العوض ان صح الابتداء به كان توسط التكليف عبثا ، فتعين الثاني.
احتجت الاشاعرة : بأنه تعالى هو الحاكم ، فلا يستحق عليه شيء. وبأن المرتد ان وصل إليه الثواب تضاد الاستحقاقان ، وإلا خلت طاعته عن عوض.
واحتج البلخي : بأن نعم الله تعالى لا تحصى ، فالشكر عليها يكون أبلغ
__________________
(١) سورة الطور : ٢١.
(٢) سورة الانعام : ٣٨.
(٣) سورة الاعراف : ١٥٦.