لذلك المعلوم ليشاهدها ويطلع عليها ، فتحصل له العلم بذلك المعلوم ، أما العالم بذاته فالعالم والمعلوم شيء واحد ، فهو يعلم ذاته بذاته لا بصورة مغايرة لذاته ، فلا يلزم اجتماع الامثال.
وأما على تقدير الاضافة فقد أجاب الرئيس ابن سينا : بأن الاضافة لا تستدعي المغايرة الخارجية بل الذهنية ، وهي هنا حاصلة ، فان الذات من حيث أنها عالمة مغايرة لها من حيث أنها معلومة ، فان المغايرة ولو بوجه ما كافية.
واعترض فخر الدين الرازي : بأنه يلزم منه الدور ، فان هذه المغايرة تتوقف على قيام العلم بالذات حتى تصير الذات عالمة ومعلومة باعتبارين ، والفرض أن العلم اضافة تستدعي المغايرة السابقة على قيامه بالذات ، فلو كانت المغايرة الاولى هي هذه لزم الدور.
أجاب المحققون : بأن مراد الرئيس أن الذات من حيث يمكن أن تكون عالمة مغايرة لها من حيث يمكن أن تكون معلومة ، وبهذا القيد لا تتوقف المغايرة على العلم بالفعل ، بل على امكان العلم ، فلا يلزم الدور.
وفيه نظر : فانه تعالى ليس له صفة كمالية بالامكان والقوة ، بل كمالاته تعالى كلها بالفعل ، وكلما صح له شيء وجب له ، وحينئذ يعود الجواب (١) من أصله.
[اثبات الحى لله تعالى]
قال : البحث الرابع ـ في أنه تعالى حي : ذهب قوم الى أن معنى كونه تعالى حيا هو أنه لا يستحيل أن يقدر ويعلم. واثبات هذه الصفة ظاهر ، لانا قد بينا كونه قادرا عالما ، فلا يستحيلان عليه بالضرورة ، فيكون حيا بهذا المعنى.
__________________
(١) فى «ن» السؤال.