ونقول فيه كما قلنا في الوجود الاول ، ويلزم وجود الماهية مرات غير متناهية متسلسلا ، وهو محال.
فقد بان أنه لو كان وجوده زائدا على حقيقته لزم أحد هذه اللوازم الستة أو اثنان منها ، وكل واحد واحد منها محال على حدته ، فملزومها كذلك ، وهو المطلوب.
احتج القائلون بالزيادة على حقيقته : بأن ماهيته غير معلومة ووجوده معلوم فماهيته غير وجوده ، لان المعلوم مغاير لما هو غير معلوم ، أما أن ماهيته غير معلومة فلما يأتي ، وأما أن وجوده معلوم ، فلان وجوده هو الوجود المشترك العام ، وهو من المعلومات البديهية كما تقدم ، فيكون زائدا عليها وهو المطلوب.
والجواب : أن الوجود المعلوم هو الوجود المشترك المقول بالتشكيك على وجوده الخاص وعلى وجود الممكنات ، وهو خارج عن وجوده الخاص ووجود الممكنات ، لان القول بالتشكيك على الجزئيات يكون خارجا عنها ، لعدم كونه نفسها أو جزؤها ، لاستحالة التفاوت في الماهية وأجزائها ، والوجود المدعى كونه عين حقيقته التي هي غير معلومة هو وجوده الخاص به القائم بذاته الذي يستحيل حمله على غيره.
ولا يلزم من مغايرة الوجود العام الحقيقية مغايرة الوجود الخاص الذي هو معروض له ، والحاصل أن للواجب تعالى وجودين ، كما أشرنا إليه في أول هذا الشرح : أحدهما شامل له ولغيره من الموجودات ، وذلك هو المعلوم والثاني مختص به ، وذلك غير معلوم.
[كونه تعالى أزلى أبدى]
قال : وهو أزلي أبدي ، لاستحالة تطرق العدم إليه ، والا لكان ممكنا.