بطل كونه دليلا على ما تضمنه ذلك الفرد من جملة الشرع ، فقد صار بعض الشرع غير محفوظ ، فلا يكون المجموع محفوظا ، فلم يبق الا الامام.
وأما المقدمة الثانية فلانه لو لم يكن معصوما لما بقي لنا وثوق بنقله للشرع ولما آمنا [فيه] الزيادة والنقصان ، وكلاهما مناف للغرض من التكليف.
[وجوب كونه أفضل من كل واحد من رعيته]
قال : ويجب أن يكون أفضل من رعيته ، لقبح تقديم المفضول على الفاضل ولقوله تعالى (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى) (١) ويدخل في ذلك كونه : أزهد ، وأورع ، وأشج ، وأعلم ، وأكرم.
أقول : هذا هو الوصف الثاني من أوصاف الامام ، وهو وجوب كونه أفضل من كل واحد واحد من رعيته ، وهو مذهب أصحابنا الامامية وأكثر المرجئة وقوم من المعتزلة منهم الجاحظ والزيدية ، خلافا لباقي الفرق ، والدليل عليه وجهان :
الاول عقلي : وتقريره أنه لو لم يكن أفضل لكان اما مساويا أو مفضولا ، وكلاهما باطل ، أما الاول فلاستلزامه الترجيح بلا مرجح ، وهو باطل ، اذ ليس أحدهما أولى بأن يكون إماما والاخر بأن يكون مأموما من العكس ، فيلزم حينئذ اما أن يكونا امامين معا ، وهو باطل [بالاجماع] ، أو لا يكونا امامين معا ، وهو باطل أيضا ، لاستحالة خلو الزمان من امام. وأما الثاني فلانه يقبح عقلا تقديم المفضول على الفاضل فيما هو أفضل منه فيه ، وانكاره مكابرة.
الثاني نقلي : وهو كثير من ذلك قوله تعالى (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُ
__________________
(١) سورة يونس : ٣٥.