الثاني : أنها واردة على ما علم بطلانه بالضرورة ، فانا نعلم ضرورة أن لنا حركة اختيارية فتكون باطلة ، اذ لا فائدة فيها.
[كونه تعالى مريدا للطاعات ومكره للمعاصى]
قال : البحث الخامس ـ في أنه تعالى يريد الطاعات ويكره المعاصي : خلافا للاشعرية.
لنا : أن له تعالى داعيا الى الطاعات وصارفا عن المعاصي ، لانه تعالى حكيم ، والطاعة حسنة والمعصية قبيحة ، فيكون مريدا للحسن وكارها للقبيح لحكمته. ولانه أمر بالطاعة ونهى عن المعصية ، والامر يستلزم الإرادة والنهي الكراهة.
أقول : ذهبت الاشعرية الى أنه تعالى مريد لجميع الكائنات ، حسنة كانت أو قبيحة ، طاعة كانت أو معصية ، لانه فاعل لكلها فيكون مريدا لها.
وذهبت المعتزلة والامامية الى أنه تعالى يريد أفعال نفسه ، ضرورة كونه مختارا ، فهو انما يفعل بالقدرة والإرادة. وأما أفعال العباد فهي تنقسم الى طاعة ومعصية ، فالطاعة مرادة له تعالى ، لا بمعنى الإرادة المخصصة للفعل ، فان الفعل انما يقع بإرادة العبد عندهم ، بل الله يريده بمعنى أنه يطلب منه ايقاعه على وجه الاختيار والمعصية غير مراده له ، أي له صارف عن طلبها.
واستدل المصنف على هذا المطلوب بوجهين :
الاول : أن له تعالى داعيا الى الطاعات وصارفا عن المعاصي ، وكلما كان كذلك ثبت المطلوب. أما الصغرى : فلانه عالم بكل المعلومات ، ومن جملتها الطاعات وما فيها من الحسن والمصلحة ، والمعاصي وما فيها من القبح والمفسدة ومع ذلك هو حكيم ، فيكون له داعي الى الطاعة وصارف عن المعصية.