الرابع : ان الحياة تفتقر الى الروح وهو ظاهر. وفسر الحكماء الروح : بأنها أجسام لطيفة متكونة من بخارية (١) الاخلاط ، سارية في عروق تنبعث عن القلب ، وتلك العروق هي المسماة ب «الشرائين». وفسر بعض المعتزلة الروح : بأنها هواء رقيق تختص بضرب من البرودة يتردد في مجاري النفس.
واستدل أبو هاشم على افتقار هذه الحياة الى الروح ، بأن الممنوع من النفس يموت لفقد هذا الروح وشرط أكثر المعتزلة للحياة نوعا من الرطوبة ولهذا اذا خرج الدم من الحيوان يموت وشرط بعض الحكماء نوع من الحرارة.
الخامس : المحققون على أن التقابل بين الحياة والموت تقابل العدم والملكة ، وفسروا الموت بأنه عدم الحياة عن محل اتصف بها. وقيل : عما من شأنه أن يكون حيا ، فالنطفة ميتة على الثاني.
وذهب أبو علي الجبائي وأبو القاسم الكعبي (٢) الى أنهما ضدان ، وجعلا الموت صفة وجودية ، واستدلا بقوله تعالى (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) (٣) والخلق يستدعي الايجاد. وهو ضعيف فان الخلق لغة التقدير ، وهو كما يكون للوجودي يكون للعدمي.
[تعريف القدرة ومسائلها]
قال : الثاني عشر ـ القدرة : وهي كيفية قائمة بالذات ، يصح باعتبارها على تلك الذات أن تفعل وأن لا تفعل. وهي مقدمة (٤) على الفعل ، لان الكافر مكلف بالايمان حال كفره ، فلو لم يكن قادرا عليه حينئذ لزم تكليف ما لا يطاق
__________________
(١) البخار أجزاء مائية يخالطها أجزاء هوائية «منه».
(٢) أى البلخى.
(٣) سورة الملك : ٢.
(٤) وفى المطبوع من المتن : متقدمة.