بالجزئيات على الوجه الثاني.
وانما الخلاف حصل بين الحكماء والمتكلمين في علمه تعالى بالوجه الاول ، فذهب الحكماء الى منعه محتجين : بأنه لو علم الجزئي على وجه يتغير لزم تغير علمه تعالى وهو محال. بيان الملازمة : أنه اذا علم الخسوف مثلا قد وقع ثم ان الخسوف عدم فهل يبقي علمه بوقوع الخسوف أم لا؟
فان كان الاول لزم الجهل وهو عليه تعالى محال.
وان كان الثاني لزم عدم العلم الاول ووجود غيره ، وذلك تغير في علمه وهو محال.
وأما بطلان اللازم فلان علمه هو نفس ذاته ، فيلزم من تغيره تغير ذاته وهو محال.
أجاب المصنف وجماعة من المحققين بأن العلم من الصفات الحقيقية التي يلزمها الاضافة الى المعلوم ، كالقدرة التي يلزمها الاضافة الى المقدور ، واذا عدم المعلوم عدمت اضافته إليه ، كما [أنه] اذا عدم المقدور عدمت اضافته (١) إليه ، ولا يضر القادر عدم مقدوره ، ولا تعدم عنه صفته الحقيقية بل اضافته إليه ، كذلك العلم اذا تغير معلومه عدمت تلك الاضافة المتعلقة به ، وهي أمر اعتباري ، ووجدت اضافة أخرى ولا يتغير العلم الذي هو صفة حقيقية.
وفيه نظر : اذ يلزم أن يكون له تعالى صفة زائدة على ذاته وهو باطل ، بل الجواب أن جميع الموجودات من الازل الى الابد كل منها على ما هو عليه منكشف له ، وقد تقدم بيانه في أول المسألة.
[علم الله تعالى بذاته]
قال : وهو يعلم ذاته ، خلافا لبعض الفلاسفة ، لان ذاته يصح أن تكون
__________________
(١) فى «ن» : اضافة القدرة ، فلا يصير القادر معدوما بعدم مقدوره الخ.