ولا تلازم بين الوجهين في الوجود ، فهو قبيح بالاعتبار الاول ، وحسن بالاعتبار الثاني ، فما هو حسن لا ينقلب قبيحا ، وما هو قبيح لا ينقلب حسنا ، وكذا الكلام عن الوعد بالكذب ، فانه من حيث أنه وفاء بالوعد حسن ، ومن أنه كذب قبيح.
الثاني : أن الكذب وان كان قبيحا لكن اسلام النبي صلىاللهعليهوآله الى القتل أقبح ، واذا اجتمع قبيحان ولا محيص عنهما يرتكب (١) أضعفهما.
الثالث : أن الكذب لا نسلم أنه في هذه المادة جائز ، بل يجب التورية ، والتعريض ، فان في المعاريض لمندوحة عن الكذب.
وعن الثالث أن الايمان بالنظر الى ذاته ممكن ، فيتعلق به القدرة من هذا الاعتبار. والعلم غير مؤثر في زوال امكانه ، لانه تابع ولا شيء من التابع بمؤثر والا لزم الدور. والاخبار عن أبي لهب وقع بعد موته لا قبله ، وحينئذ لا يلزم تكليف ما لا يطاق.
[اثبات أن البارى تعالى لا يفعل القبيح]
قال : البحث الثالث ـ في أنه تعالى لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب : خلافا للاشعرية.
لنا : أنه تعالى غني بذاته عن القبيح وعالم به ، وهو حكيم ، فيعلم قطعا انتفاؤه عنه لوجود الصارف ، وهو علمه بقبحه ، وانتفاء الداعي ، وهو داعي الحاجة أو داعي الحكمة.
اقول : لما فرغ من البحثين اللذين هما كالمقدمة للمقصود شرع في المقصود بالذات ، وهو أنه تعالى لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب ، وهو مذهب
__________________
(١) والموجب العقل ، وان أوجبه الله فمع تضمنه المصلحة الزائدة «منه».