وأما الكبرى : فلما مر من تفسير الإرادة والكراهة ، واذا كان كارها للمعصية استحال أن يكون مريدا لها.
الثاني : أنه تعالى أمر بالطاعة ونهى عن المعصية ، فيكون مريدا للاولى وكارها للثانية ، لاستحالة أن يأمر الحكيم بما لا يريد وينهى عما لا يكره ، والا لم يكن حكيما ، هذا خلف ، فلا يكون مريدا للمعاصي ، والا لكان مريدا للنقيضين وكارها للنقيضين ، وهو محال.
[احتجاج الاشعرية على عدم ارادته تعالى للطاعة]
قال : احتجوا بأنه لو كان مريدا للطاعة من الكافر لكان مغلوبا ، اذ الكافر أراد المعصية ، والله تعالى أراد الطاعة ، والواقع مراد الكافر ، فيكون الله تعالى مغلوبا.
والجواب : أنه تعالى أراد صدور الطاعة من الكافر اختيارا لا قهرا.
أقول : احتجت الاشاعرة على مطلوبهم بأنه تعالى لو كان مريدا للطاعة وكارها للمعصية لكان مغلوبا ، واللازم باطل فالملزوم مثله.
أما الملازمة : فلان الكافر أراد الله تعالى منه الايمان على قولكم وكره كفره ، والكافر أراد كفر نفسه وكره ايمانه ، والواقع مراد الكافر لا مراد الله ، فيكون الله تعالى مغلوبا ، لانه لم يقع مراده.
وأما بطلان اللازم : فلان قدرته تعالى ذاتية أو قديمة ، وقدرة الكافر زائدة أو محدثة ، فتكون الاولى أقوى ، والاقوى يكون غالبا.
والجواب : قد تقدم أن ارادته تعالى على قسمين : إرادة جازمة موجبة للفعل ، وأخرى متعلقة بأن يصدر الفعل من المكلف باختياره وارادته ، والمغلوبية انما تلزم لو أراد الطاعة من العبد بالوجه الاول ولم يقع مراده ، لكنه ممنوع