ضروري لا يحتمل الزيادة والنقصان ، فان انحصار الشيء بين أن يكون من أول الاوائل لا ينكره عاقل.
[عدم وجود الواسطة بين الموجود والمعدوم]
قال : ولا واسطة بينهما على المذهب الحق ، لقضاء الضرورة بهذا الحصر.
أقول : هذا اشارة الى خلاف مشايخ المعتزلة ، غير أبي الحسين البصري فانهم أثبتوا واسطة بين الموجود والمعدوم ، وسموها ب «الحال» وعرفوها بأنها صفة لموجود لا توصف بالوجود ولا بالعدم ولا بغيرهما من المتقابلات. ومعرفة هذا المذهب يتوقف على تقرير مقدمة وهي :
ان المفهوم ينقسم الى قسمين : قسم يعقل لا بالقياس الى غيره كالجوهر مثلا فان معناه الموجود القائم بنفسه [ليس مقيسا الى غيره] (١). وقسم لا يعقل الا مقيسا الى الغير كشريك الباري ، فانا اذا قلنا الباري ليس له شريك ، كان معناه ان ليس هناك (٢) ما نسبته الى الباري كنسبة زيد الى عمرو بالمثلية ، فلا يعلم الا مقيسا الى الغير.
اذا تقررت هذه المقدمة نقول : المفهوم لا يخلو أما أن يكون معقولا (٣) بالقياس الى نفسه أولا ، فان كان الاول فهو الثابت ، وان كان الثاني فهو المنفي والاول أما أن يرد عليه صفة الوجود أو العدم ، أو لا يرد عليه شيء منهما ، فان كان الاول فهو الموجود ، وان كان الثاني فهو المعدوم ، وان كان الثالث فهو الواسطة والحال.
__________________
(١) كذا فى هامش نسخة الاصل.
(٢) وفى «ن» : موجود.
(٣) وفى «ن» : مفهوما.