والاعتراض عليه من وجوه : الاول : لم لا يجوز أن يكون المخصص هو الميل المترتب على هذا العلم كما تقدم بيانه ، وقولهم أنه من توابع القوى الحيوانية ممنوع ، لجواز أن يكون عقليا كما تقدم.
الثاني : أن العلم تابع فلا يصلح للتخصيص ، ويرد على هذا ما تقدم من انقسام العلم الى قسمين ، والتابع أحدهما لا غير.
الثالث : قوله «انه صالح للتخصيص» قلنا : هذا لا يمنع من أن يكون هناك مخصصات أخر ، فان ذلك جائز ، ومع جوازه لا يكفي ذلك في بيان المدعي.
وذهب أبو القاسم البلخي الى أن ارادته في أفعاله علمه بها ، وفي أفعال غيره أمره بها. ويرد عليه ما ورد على أبي الحسين في العلم ، وأما الامر فهو معلل بالارادة فهو مغاير لها.
وذهب النجار الى أن معنى كونه مريدا هو أنه غير مغلوب ولا مكره ، فهي اذن سلبية. مع أن ما ذكره لازم لافعال المريد ، لا أنه نفس الإرادة.
وذهبت الاشاعرة وبعض المعتزلة الى أن له صفة ثبوتية زائدة على الداعي من شأنها التخصيص ، لكن الاشاعرة قالوا بقدمها ، والمعتزلة بحدوثها ، وسيأتي تمام كلامهم واحتجاجهم والجواب عنه.
[اثبات الادراك للبارى تعالى]
قال : البحث السادس ـ في أنه تعالى مدرك : أجمع المسلمون على ذلك ، واختلفوا في معناه : فأبو الحسين ذهب الى أن معناه أنه تعالى عالم بالمدركات (١) والاشعرية وأكثر المعتزلة على أنه زائد على العلم. ويدل على اتصافه تعالى بذلك القرآن ، وما تقدم من أنه تعالى عالم بجميع المعلومات.
__________________
(١) فى المطبوع من المتن : بالمدرك.