هو معرفة الله ومعرفة رسوله ، فالمعرفة أحد أجزاءه ، فلا يلزم أن يستحق عليها الثواب ، لكونه معلقا على السبب التام. سلمنا لكن لو كان الثواب متوقفا على شرط لكان المدح متوقفا على شرط ، واللازم باطل فان العقلاء يمدحون فاعل الطاعة من غير تأخر. وبيان الملازمة : انهما معلولا علة واحدة هي الطاعة كما تقدم ، فاذا لم تكف الطاعة في أحدهما لم تكف في الاخر.
قلنا : الجواب عن الاول : أن الثواب كما يستحق على مجموع الايمان فكذا على أجزاءه ، لان كل واحد من أجزاءه له مدخل في التأثير ، ولهذا كان من عرف الله تعالى ثم مات قبل عرفانه الرسول كان مستحقا للثواب.
وعن الثاني : أنه لا استبعاد في كون أحد المعلولين متوقفا على شرط دون الاخر [وأيضا فانه يجوز أن يحصل أحد المعلولين دون الاخر] فتوقفه على شرط أولى ، فانه تعالى يستحق المدح بفعل الواجب ولا يستحق [بفعله] الثواب.
[كون استحقاق الثواب مشروط بالموافاة]
قال : الثالث : استحقاق الثواب مشروط بالموافاة ، أو ساقط بالعقاب ، لقوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (١) فنقول : العمل لم يقع باطلا في الاصل على تقدير الشرك [المتجدد] ، والا لما علق بطلانه على الشرك المتجدد. واذا ثبت هذا فالاستحقاق ان كان ثابتا كان معنى بطلانه سقوطه بالشرك ، وان لم يكن ثابتا كان معنى بطلانه عدم الاتيان بشرط الاستحقاق الذي هو الموافاة ، فلم يستحق الثواب ، فيكون العمل باطلا.
أقول : اختلف المعتزلة في اشتراط الموافاة في الثواب : فقال بذلك
__________________
(١) سورة الزمر : ٦٥.