بل هو مراد منه على وجه الاختيار ، والا لما استحق به ثوابا ، كما قال تعالى (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) (١) أي على وجه الجبر.
[تعريف التكليف]
قال : الفصل التاسع ـ في فروع العدل : وفيه مباحث : الاول ـ التكليف إرادة من تجب طاعته ما فيه مشقة ابتداءً بشرط الاعلام.
أقول : من فروع العدل التكليف ، وهو لغة مشتق من كلفة أعني المشقة واصطلاحا يطلق على معنيين : مجازي وهو الافعال الصادرة عن المكلف. وحقيقي وهو إرادة من تجب طاعته ما فيه مشقة ابتداءً بشرط الاعلام.
فالإرادة شاملة للاحكام الخمسة ، عقلية كانت أو نقلية. وقوله «من تجب طاعته» يخرج من لم يجب طاعته ، ويدخل فيمن تجب طاعته ، الله تعالى والنبي والامام والوالد والسيد والمنعم.
وبقيد كونه «ابتداءً» خرج الجميع الا الله تعالى ، لان ارادتهم للواجبات وغيرها ليس تكليفا ، لسبق إرادة الله تعالى على ارادتهم.
وبقيد «المشقة» خرج ارادته تعالى منا ما لا مشقة فيه ، كالمأكول والمشروب والمنكوح. و «بشرط الاعلام» لان المكلف اذا لم يعلم بما طلب منه لا يكون مكلفا ، والاعلام اما بتكميل عقله فيستدل به ، أو ارسال الرسل ، والعقل غريزة في القلب يلزمها العلم بالضروريات مع سلامة الآلات.
وهنا نظر من وجوه :
الاول : الإرادة سبب التكليف لا نفسه ، لانه يقال : أراد الله الطاعة فكلف بها ، فجعلها نفسه منظور فيه.
__________________
(١) سورة يونس : ٩٩.