وجاز أن تكون المعصية ممكنة غير واقعة ، لان الممكن لا يجب وقوعه ، لان استمرار عدم الشيء لا ينال امكانه. ويمكن أن يجاب عنه بان اعتقاد المكلفين جواز صدور المعصية عنه يخطر لهم المحالات المذكورة ، فيحصل التنفير عن متابعته والانقياد التام لامتثال أوامره ونواهيه.
[وجوب تنزه النبي صلىاللهعليهوآله عن المعاصى عمدا وسهوا]
قال : ومن هذا علم أنه لا يجوز ان يقع منه الصغائر ولا الكبائر ، عمدا ولا سهوا ولا غلطا في التأويل. ويجب أن يكون منزها عن ذلك من أول عمره الى آخره.
أقول : اعلم أنه لما استدل على مطلوبه أشار الى خلاف الناس هنا ، ومحصل الاقوال هنا أن نقول : أفعال الأنبياء لا تخلو من أقسام أربعة :
الاول : الاعتقاد الديني.
الثاني : الفعل الصادر عنهم من الافعال الدينية.
الثالث : تبليغ الاحكام ونقل الشريعة.
الرابع : الافعال المتعلقة باحوال معاشهم في الدنيا مما ليس بديني.
فالقسم الاول : اتفق اكثر الناس على عصمتهم فيه ، خلافا للخوارج حيث جوزوا عليهم الكفر ، لاعتقادهم أن كل ذنب صدر عمدا (١) فهو كفر ، وجوّز صدور الذنب عنهم ، فقد جوزوا عليهم الكفر. وخلافا لابن فورك حيث جوز بعثه من كان كافرا ، لكنه قال : هذا الجائز لا يقع (٢). وبعض الحشوية قال بوقوعه وبعضهم جوزوا عليهم كلمة الكفر للتقية. وهذا باطل لانه يفضي الى اخفاء
__________________
(١) فى «ن» عنهم :
(٢) فى «ن» : لم يقع.