فالملزوم مثله ، بيان الملازمة : ان الحدوث كيفية الوجود ، لان الحدوث هو كون الوجود مسبوقا بالعدم ، والصفة متأخرة بالطبع عن موصوفها ، ووجود الموصوف متأخر عن ايجاد الموجد بالذات تأخر المعلول عن علته ، وايجاد الموجود متأخر عن احتياج الاثر إليه في الوجود تأخرا بالطبع ، واحتياج الاثر متأخر عن علته بالذات ، فلو كان الحدوث علة الاحتياج لتأخر عن نفسه بمراتب أربع ، اثنان بالذات واثنان بالطبع ، فيكونا متقدما متأخرا معا وهو محال.
أورد جدي ـ رحمهالله ـ على هذا الدليل بأن القائل بكون الحدوث علة الاحتياج لم يفسره بما فسروه ، بل يفسره بأنه خروج الماهية من العدم الى الوجود ، وهو بهذا التفسير ليس متأخرا عن الوجود ، لانه ليس صفة له بل للماهية ، وعلى تقدير أن يكون مرادهم ما ذكروه لم يضره (١) تأخره عن علة الاحتياج التي هي فاعلية ، لانهم يريدون بالعلة العلة الغائية.
وفيه نظر : فانه لو كان الحدوث علة غائية للاحتياج لزم الاستغناء بعد الحدوث ، اللهم الا أن يقال : علة الاحتياج هو الحدوث في حالة العدم لا مطلقا.
وحينئذ جاز أن تكون العلة الغائية في حال الوجود شيء آخر غير الحدوث هو استمرار الوجود ، ولا استبعاد في تعدد الغاية في حالتي الوجود والعدم ، والاولى ادعاء الضرورة على كون الامكان علة ، وان كان قد يحصل فيه شك فسبب تصور الاطراف.
[تقسيم الموجود الى العلة والمعلول]
قال : الرابع ـ الموجود : اما أن يكون مؤثرا في غيره ، اما مع امكان أن لا يؤثر وهو الفاعل المختار ، أو مع امتناع أن لا يؤثر وهو العلة الموجبة. واما أن يكون أثرا لغيره وهو المعلول.
__________________
(١) فى «ن» : لم يضرهم تأخيره.