نقاتلهم ، وكان اذا أريد اخراج شيء من نصول الحديد من جسمه ترك حتى يشتغل بالعبادة ثم يخرج منه ، لعلمهم باستغراق نفسه في تلك الحالة في عالم الجبروت ، وغفلتها عن هذا الهيكل.
وكان يحافظ على النافلة حتى أنه بسط له نطع (١) بين الصفين ليلة الهرير فصلى عليه ورده ، والسهام تقع بين يديه وعلى جوانبه ولا يرتاع لذلك ومنه تعلم الناس صلاة الليل ، وملازمة النافلة. وكانت جبهته كثفتة (٢) بعير من طول سجوده. واشتملت دعواته ومناجاته من تعظيم الله واجلاله على ما لم يسبق إليه.
وكان زين العابدين عليهالسلام يصلى كل يوم وليلة ألف ركعة ويرمى بصحيفته على شبه المتضجر ويقول : أنى لي بعبادة علي.
واذا كان أعبد الناس كان أفضل ، وهو المطلوب.
[كونه عليهالسلام أكرم الناس]
قال : الحادي عشر ـ أنه عليهالسلام كان أكرم الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله فانه عمل (٣) بيده عليهالسلام عدة حدائق وتصدق بها ، وآثر بقوته وقوت عياله ثلاثة أيام : للمسكين (٤) واليتيم والاسير ، وصبر على الطوى ثلاثة أيام ، ونزل فيه (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (٥) الى آخر الآيات ، وتصدق بجميع ما معه عدة مرارا ، ولم يخلف شيئا من المال أصلا.
__________________
(١) النطع جمع انطاع : بساط من الجلد يفرش.
(٢) كثف كثافة وتكاثف : غلظ وكثر والتف.
(٣) فى المطبوع من المتن : عمر.
(٤) فى المطبوع من المتن : المسكين.
(٥) سورة الدهر : ٨.