[تحقيق حول الإرادة والكراهة]
قال : السادس عشر ـ الإرادة والكراهة : وهما كيفيتان نفسانيتان ترجحان الفعل أو الترك. وهل هما زائدتان على الداعي أم لا؟ خلاف. والحق الزيادة في حقنا لا في حقه تعالى ، وإرادة الشيء يستلزم كراهة ضده لا نفسها.
اقول : اعلم ان من الاعراض النفسانية الإرادة والكراهة ، وهما مشروطتان بحياة محلهما ضرورة ، وهما من الامور الوجدانية ، فلا يفتقران الى تعريف ، لكن يرجع حاصل الإرادة الى صفة مرجحة لاحد طرفيه (١) ، وهو جانب الفعل. والكراهة صفة مرجحة لاحد طرفيه أيضا ، وهو جانب الترك.
ثم ان الداعي هو العلم باشتمال الشيء على المصلحة الباعثة على ايجاده والصارف هو العلم باشتمال الفعل على المفسدة الموجبة لتركه. فهل الإرادة والكراهة نفس الداعي أو الصارف أم مغايران لهما ، فقيل : بالزيادة مطلقا ، أي في حقنا وحق الواجب تعالى ، وهو قول الاشاعرة. وقيل : بعدم الزيادة مطلقا ، لا في حقنا ولا في حق الله تعالى ، بل هما نفس الداعي والصارف ، وهما نوعان من العلم المطلق الشامل لليقين والظن ، وإليه ذهب المحقق الطوسي رحمهالله.
[ومختار المصنف رحمهالله] ومذهب أبي الحسين وجماعة من المحققين هو أنهما زائدان في حقنا لا في حق الله تعالى.
أما الاول : فلوجهين : الاول : ما نجد في أنفسنا ضرورة بعد العلم أو الظن بالمصلحة ميلا وشوقا الى تحصيل ما علم أو ظن مصلحته ، ونجد أيضا بعد العلم أو الظن بالمفسدة انصرافا وانقباضا عن الفعل المشتمل على المفسدة المعلومة أو المظنونة ،
__________________
(١) فى «ن» : طرفى المقدور.