المقدمة الثالثة : أن المراد ب (الَّذِينَ آمَنُوا) بعض المؤمنين ، ويدل عليه وجهان :
الاول : أنه وصفهم بوصف غير حاصل لجميعهم ، وهو ايتاء الزكاة حال الركوع ، اذ الجملة هنا حالية ، وانتفاء هذا الوصف عن كلهم ظاهر ، فيكون المراد البعض وهو المطلوب.
الثاني : أن الضمير المذكور ـ أعني الكاف والميم ـ عائد الى كل المؤمنين لانه قال قبل هذه الآية بلا فصل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (١) واذا كان كذلك لا يجوز أن يكون المراد ب (الَّذِينَ آمَنُوا) في هذه الآية الجميع ، والا لزم أن يكون الولي والمولى عليه واحدا ، فيكون كل واحد ولي نفسه ، وهو محال ، فيكون المراد البعض ، وهو المطلوب.
المقدمة الرابعة : أن المراد بذلك البعض هو علي بن أبي طالب عليهالسلام لوجوه :
الاول : اتفاق المفسرين على ذلك ، فانه ورد أن عليا عليهالسلام كان يصلي فسأله سائل وهو راكع في صلاته ، فاومى بخنصره اليمنى إليه ، فأخذ السائل الخاتم من خنصره (٢). ورواه الثعلبي وغيره والحديث طويل ، وفيه : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي أشدد به ظهري. قال أبو ذر : فو الله ما استتم الكلمة حتى
__________________
(١) سورة المائدة : ٥٤.
(٢) رواه السيد ابن طاوس عن تفسير الثعلبى في الطرائف : ٤٧ ، واحقاق الحق عنه : ٢ / ٤٠٢ ، والبحار : ٣٥ / ١٩٥.