قوله : «لتقرأه» متعلق ب «فرقناه» ، وقوله (عَلى مُكْثٍ) فيه ثلاثة أوجه :
الأول : أنه متعلّق بمحذوف ، على أنه حال من الفاعل ، أو المفعول في «لتقرأه» ، أي: متمهّلا مترسّلا.
الثاني : أنه بدل من (عَلَى النَّاسِ) قاله الحوفيّ ، وهو وهم ؛ لأنّ قوله (عَلى مُكْثٍ) من صفات القارىء ، أو المقروء من جهة المعنى ، لا من صفات الناس ؛ حتى يكون بدلا منهم.
الثالث : أنه متعلق ب «فرقناه».
قال أبو حيان : «والظاهر تعلق (عَلى مُكْثٍ) بقوله «لتقرأه» ، ولا يبالى بكون الفعل يتعلق به حرفا جر من جنس واحد ؛ لأنه اختلف معنى الحرفين ؛ لأن الأول في موضع المفعول به ، والثاني في موضع الحال ، أي : متمهّلا مترسلا».
قال شهاب الدين : قوله أولا : إنه متعلق بقوله «لتقرأه» : ينافي قوله في موضع الحال ، لأنه متى كان حالا ، تعلق بمحذوف ، لا يقال : أراد التعلّق المعنوي ، لا الصناعي ؛ لأنه قال : ولا يبالى بكون الفعل يتعلق به حرفا جرّ من جنس واحد ، وهذا تفسير إعراب ، لا تفسير معنى.
والمكث : التّطاول في المدة ، وفيه ثلاثة لغات : الضمّ ، والفتح ـ ونقل القراءة بهما الحوفيّ ، وأبو البقاء (١) ـ والكسر ، ولم يقرأ به فيما علمت ، وفي فعله الفتح والضمّ وسيأتي بيانه ، إن شاء الله تعالى في النّمل [الآية : ٢٢] ومعنى «على مكث» أي على تؤدة ، وترسّل في ثلاث وعشرين سنة (وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) على الحدّ المذكور.
قوله : (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا) : يخاطب الذين اقترحوا تلك المعجزات العظيمة ؛ على وجه التّهديد والإنكار ، أي : أنّه تعالى ، أوضح البينات والدلائل ، وأزاح الأعذار ، فاختاروا ما تريدون.
(إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) أي : من قبل نزول القرآن ، قال مجاهد (٢) : هم ناس من أهل الكتاب ، كانوا يطلبون الدّين قبل مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم ثمّ أسلموا بعد مبعثه ؛ كزيد بن عمرو بن نفيل ، وسلمان الفارسيّ ، وأبي ذرّ ، وورقة بن نوفل ، وغيرهم.
(إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ) يعني القرآن.
(يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً). يعني : يسقطون للأذقان ، قال ابن عباس : أراد به الوجوه(٣).
قوله : (لِلْأَذْقانِ) : في اللام ثلاثة أوجه :
__________________
(١) ينظر : الإملاء ٢ / ٩٧.
(٢) ينظر : معالم التنزيل ٣ / ١٤١.
(٣) ينظر : معالم التنزيل ٣ / ١٤١.