وأصل الفزّ : القطع ، يقال : تفزّز الثّوب ، أي : تقطّع.
ويقال : أفزّه الخوف ، واستفزّه ، أي : أزعجه ، واستخفّه.
واعلم أنّ إبليس ، لمّا طلب من الله تعالى الإمهال إلى يوم القيامة ؛ لأجل أن يحتنك ذريّة آدم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ذكر الله تعالى أشياء :
أولها : قوله عزوجل : (اذْهَبْ) أي : أمهلتك هذه المدّة.
وثانيها : قوله تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ).
وتقدّم أن الاستفزاز : الاستخفاف ، وقيل : استنزل واستجهد.
وقوله : «بصوتك».
قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ وقتادة : بدعائك إلى معصية الله (١).
وقال الأزهريّ : ادعهم دعاء تستخفّهم به إلى إجابتك.
وقال مجاهد : بصوتك ، أي : بالغناء واللهو (٢).
وهذا أمر تهديد ، كما يقال : اجتهد جهدك ؛ فسترى ما ينزل بك.
وثالثها : قوله : (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ) أي : اجمع عليهم الجموع من جندك ، يقال أجلب عليه وجلب ، أي : جمع عليه الجموع.
قال الفرّاء : هو من الجلبة ، وهو الصّياح.
وقال أبو عبيدة : أجلبوا وجلبوا : من الصّياح.
وقال الزجاج في «فعل ، وأفعل» : أجلب على العدوّ وجلب ، إذا جمع عليه الخيل.
وقال ابن السّكيت : يقال : هم يجلبون عليه ؛ بمعنى أنهم يعينون عليه.
وروى ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أجلب الرجل على الرجل ، إذا توعّده بالشرّ ، وجمع عليه الجمع ، فعلى قول الفرّاء معنى الآية : صح عليهم بخيلك ورجلك ، وعلى قول الزجاج : اجمع عليهم كلّ ما تقدر عليه من مكائدك ، وعلى هذا تكون الباء في قوله : «بخيلك» زائدة.
وعلى قول ابن السّكيت : معناه : أعن عليهم بخيلك ورجلك ومفعول الإجلاب على هذا القول محذوف ، تقديره : استعن على إغوائهم بخيلك ورجلك ، وهو يقرب من قول ابن الأعرابيّ.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١٠٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٤٨) وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١٠٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٤٨) وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في «ذم الملاهي» وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد.