يكون الاختيار واسطة بينها وبين ذي المقدّمة فليس بواجب ، لأنّ الإرادة من أجزاء السّبب ، وهي غير قابلة لتعلّق الوجوب (ففيه) :
إنّه إن كانت اختياريّة الشيء بكونه مسبوقاً بالإرادة ، فالإشكال وارد ، لأنّ الإرادة قد لا تتعلّق بها الإرادة فلا تكون اختياريّة ، واستلزام كلّ إرادة لإرادة أُخرى مستلزم للتسلسل كما قال المحقّق الخراساني. ولكنّ المناط في تعلّق التكليف هو اختياريّة المكلّف به ، سواء كانت بالذات أو بالعرض ، والاختيار في الارادة هو بالذات ، واختياريّة الأفعال بالعرض ، أي إنّها اختياريّة بسبب تعلّق الاختيار بها ، وإذا كانت الاختياريّة بالعرض مصحّحة للتكليف ، فالاختياريّة بالذات كذلك بطريقٍ أولى ، فكما يصحّ أن يقال : صلّ ، يصح أن يقال : اختر الصّلاة ، لأنّ الاختيار مقدور بالذات وبه يصحّ تعلّق التكليف.
وعلى الجملة ، فإنّ الاختيار أمر اختياري بالذات ، فيصحُّ تعلّق التكليف به ، كسائر الأجزاء إن كان المكلّف به ذا أجزاء.
(وأمّا الثاني) وهو سقوط الأمر الغيري بالإتيان بالمقدّمة ، ومنشأ السقوط هو الإطاعة فقط ، فدلّ ذلك على أنّ متعلّق الأمر مطلق المقدّمة (ففيه) :
إنّ هذا أشبه بالمصادرة ، لأنّ الواجب إن كان طبيعي المقدّمة فلا محالة يكون وجه سقوط الأمر حصول الإطاعة والامتثال ، لكنّ للقائل بخصوص المقدّمة الموصلة أن يقول : إنّه بعد أن جاء بالمقدّمة إمّا يأتي بذي المقدّمة أو لا يأتي ، فإنْ جاء به ، فقد سقط الأمر بذي المقدّمة بالإتيان به وسقط الأمر بالمقدّمة لكونها أوصلت إليه ، وإنْ لم يأت بذي المقدّمة ، فقد عصى الأمر النفسي المتعلّق به وكان سقوطه بالعصيان ، وكذا الأمر الغيري المتعلّق بالمقدّمة ، فقد عصي ، لأنّ المفروض تعلّقه بالحصّة الموصلة إلى ذي المقدّمة ، والمفروض عدم تحقّق