لو لم نقل ـ إذ وقع الكلام في أن المقدميّة جهة تعليلية للوجوب الغيري أو جهة تقييدية ـ : بان موضوع الأمر الغيري هو المقدمة بما هي مقدمة لا ذات المقدمة. ومن الواضح أنه مع قصد عدم الاتيان بذي المقدمة لا تكون جهة المقدمية وتوقف الواجب عليها ملحوظة عند الاتيان بالمقدمة ، ومعه لا معنى لقصد امتثال الأمر الغيري بالعمل ، إذ جهة تعلق الأمر الغيري غير ملحوظة أصلاً.
ويتضح هذا الأمر على القول بكون الأمر الغيري متعلقاً بالمقدمة الموصلة ، فانه مع القصد إلى ترك الواجب النفسي لا يكون المأتي به واجباً بالوجوب الغيري ، فلا معنى لقصد امتثاله فيه لانه ليس بمتعلق الوجوب (١).
أقول :
إن الكلام ـ الآن ـ في ترتّب الثواب على إطاعة الأمر الغيري ، فمع فرض كون المكلّف ملتفتاً إلى مقدّمية الواجب الغيري وكونه عازماً على إطاعة أمر الواجب النفسي ، هل يعتبر في ترتب الثواب وجود أمرٍ بالمقدّمة والانبعاث منه كي يقال بعدم الترتّب ، لعدم داعوية الأمر الغيري ، أو يكفي لترتّبه الرجحان الذاتي أو الانقياد للمولى المتمشّي منه مع الالتفات إلى ما ذكر؟
الظاهر هو الثاني ، وهو الذي نصّ عليه السيد الأُستاذ نفسه في مسألة الطّهارات الثلاث ، فتأمّل.
وأمّا العقاب على معصية الواجب الغيري ، فقد يقال بترتّبه كالثواب ، لأنه أمرٌ وقد عصي ، قال المحقق الإيرواني : إنّ المفروض وجوب المقدّمة ، وأثر الوجوب هو الثواب على الإطاعة والعقاب على المعصية (٢).
__________________
(١) منتقى الأُصول ٢ / ٢٣٨.
(٢) نهاية النهاية ١ / ١٦١.