الصالحة والطاعات ليس بلائق بشأنه ... وتوضيح ذلك :
إنّا لا نقول بوجوب الثواب على الطاعة من حيث أنّها طاعة ولكون العبد مطيعاً ، لأنّ العبد مملوك للمولى وطاعته إنّما كانت بحوله وقوّته وهي لطف منه ومنّة على العبد ، ولا جزاء عليه حينئذٍ ، بل نقول بوجوب الثواب من جهة المطاع ، بمعنى أنّ عدم ترتّب الثواب على الطاعة غير لائق بهذا المولى ، فالطاعة ـ من حيث أنّها طاعة ـ لا تستتبع وجوب الثواب ، لكنّ عدم ترتّب الثواب عليها غير لائق بالمولى ....
والدليل على هذا ـ قبل كلّ شيء ـ هو كلامه تعالى ، ففي الكتاب آيات مبدوّة بكلمة «ما كان» ومعناها : عدم لياقة هذا الشيء لأن يتحقّق ويكون ، سواء كان من الله أو الرسول أو سائر الناس ... فمثلاً يقول تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (١) أي : إن هذا غير لائق بالمؤمنين وليس من شأنهم ، بل إنّ المؤمنين يتّبعون ما أراده الله تعالى لهم وقضى في حقّهم ، إذ لا يكون قضاؤه فيهم إلاّ حقّاً ومصلحةً لهم.
ويقول تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ) (٢) أي : إن هذا لا ينبغي وغير صالح صدوره منه.
ويقول تعالى : (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى بظلم ...) (٣) فالظلم لا يليق بذاته المقدّسة ، وكذا العذاب بلا بيان ، إذ قال : (وَما كُنَّا مُعَذِّبينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (٤).
وقد وردت الكلمة في آيةٍ تتعلّق بالبحث وهي (وَما كانَ اللهُ لِيُضيعَ
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٦.
(٢) سورة آل عمران : ١٦١.
(٣) سورة القصص : ٥٩.
(٤) سورة الإسراء : ١٥.