ومعلوم : أنه لا فرق بين الواجبات العينيّة والكفائيّة من جهة الإضافة الأولى والثانية ، إذ في كليهما كان الآمر يصدر عنه الطلب وكان المأمور مبعوثاً نحو الفعل ، لكنّ الفرق بين العيني والكفائي إنما هو في نحو الإضافة الأخيرة ، حيث أن نحو إضافة التكليف إلى الفعل في العيني هو بقيد صدوره عن آحاد المكلفين مباشرةً ، فيتعدّد لا محالة بتعدّد المكلّفين بمناسبة هذا القيد ، بخلاف الواجبات الكفائية فلا يتعدّد بتعداد المكلّفين.
فتعلّق التكليف بالمكلّفين هو على نحو الاستغراق في العيني والكفائي من غير فرقٍ ، والفرق بينهما إنما هو بنحو الإضافة الأخيرة ، فكما يمكن أن يكون نحو إضافة التكليف إلى الفعل المتعلّق بقيد أن يكون التعلّق صادراً عن كلّ فردٍ من الأفراد بالمباشرة ، كما في الصّلاة والصوم ونظائرهما من الواجبات النفسيّة ، حيث أن المصلحة قائمة في فعل آحاد المكلّفين بالصّدور المباشري ، كذلك يمكن أن يكون نحو إضافته إلى المتعلّق لا بقيد صدوره عن كلّ واحدٍ مباشرة ، بل يكون نحو تعلّقه بصرف الوجود من طبيعة الفعل لا بقيد تكثرها بكثرة أفراد المكلفين ، فيسقط الأمر بصرف وجود الطبيعة في الخارج من أحد المكلفين قهراً ، لأنّ الطبيعة توجد بوجود فردٍ ما. هذا هو حقيقة الوجوب الكفائي فافهم واغتنم. وهذا مختار السيد البروجردي (١).
وحاصل هذا الوجه هو : أن كلّ التصويرات مردودة ، لأنها كانت متوجّهةً نحو المطلوب منه ، فقيل : هو مجموع الأفراد ، وقيل : الجميع ويسقط بفعل البعض ، وقيل : الواحد المردّد ... بل الفرق بين العيني والكفائي هو من ناحية المطلوب ، إذ هو في الأول مشروط بصدوره من المكلّف الخاص والثاني
__________________
(١) الحجة في الفقه : ٢١٦ ـ ٢١٧.