وفيه ـ كما تقدّم سابقاً ـ إن المفروض كون وجوب كلٍّ منهما مشروطاً بترك الآخر ، فلا يلزم من تركهما معاً كون كليهما مطلوباً.
والرابع : إنه في صورة ترك كليهما يلزم تعدّد العقاب ، وهو خلاف الضرورة.
وفيه : إنه إشكال مبنائي ، لأنّ تعدّد العقاب إنما هو في تعدّد الواجب المنتهى إلى تعدّد الغرض ، وليس الأمر في الواجب التخييري كذلك.
الخامس : إن لازم هذا القول أن لا يتحقق الامتثال بالإتيان بكلا الفردين ، مع اليقين بحصول الامتثال بذلك.
وهذا هو الإشكال الصحيح.
والسادس : إن هذا الوجه لا تساعده ظواهر الأدلّة في مقام الإثبات ، فقد جاءت الأفراد معطوفةً ب «أو» لا مشروطاً بعضها بترك البعض الآخر. والقول بضرورة حمل الأدلّة على هذا المعنى موقوف على سقوط جميع الوجوه. وهذا الإشكال الإثباتي وارد كذلك على هذا الوجه.
الطريق الرّابع
إنّ الواجب التخييري ما كان وجوبه مشوباً بجواز الترك إلى بدلٍ. ذهب إليه المحقق الأصفهاني رحمهالله (١).
إن قيل : فما الفرق بين هذا الطريق وطريق صاحب الكفاية؟
قلنا : إنّ المحقق الخراساني قد اختار ذلك على أساس قوله بتباين الأغراض ، أمّا المحقق الأصفهاني فقد ذهب إلى ما ذكر سواء كانت متباينة أو متسانخة ، فالاختلاف بينهما في منشأ الجعل ، كما بينهما اختلاف في التخيير كما
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٢٧١.