وقد أجاب عنه : بأنّ الصفة الوجوديّة على قسمين : فتارةً : هي صفة وجوديّة خارجيّة ، كالسواد والبياض ، فهذه لا تقبل التعلّق بالمردد ، لأنها عرض خارجي وهو لا يوجد إلاّ في موضوع ، والمردّد ليس له وجود حتى يتحقّق فيه العرض ويقوم به. وأُخرى : هي أمر اعتباري ، وهذه تقبل التعلّق بما ليس له وجود خارجي ، كما في بيع الكلّي في الذمة ، والمبيع في باب السّلم.
فالشيخ يرى أن الصّفة الوجوديّة إن كانت اعتباريةً فهي تقبل التعلّق بالمردّد.
وخالفه المحقق الخراساني (١) ، فذهب إلى أن الصفة الوجوديّة الحقيقيّة أيضاً تقبل التعلّق بالمردّد ، وقد تقدّم كلامه في حاشيته على الكفاية ، إذ صرّح بأنّ العلم يمكن تعلّقه بالمردّد كما في موارد العلم الإجمالي ، بخلاف مثل البعث ، لأنه ليس بصفةٍ بل إنه إيجاد للدّاعي في نفس العبد ، وإيجاده نحو المردّد محال. وبعبارة أُخرى : كلّما يكون له جهة الباعثيّة والمحرّكيّة ، فلا بدّ وأن يكون متعلّقه مشخصاً ، وأمّا ما يكون ـ مثل العلم ـ لا جهة باعثيّة له ، فلا مانع من تعلّقه بالمردّد.
وأمّا الميرزا ، فقد جعل ملاك الافتراق في الإرادة جهة التكوينيّة والتشريعيّة ، فخالف المحقق الخراساني القائل بعدم تعلّق ما كان له باعثية ـ وإنْ كانت تشريعيّة ـ بالشيء المردّد.
ولكنّ المحقق الاصفهاني خالف الكلّ ، وأنكر التعلّق بالمردد ، سواء في الصفة الحقيقيّة أو الاعتباريّة ، وفي الإرادة التكوينيّة أو التشريعيّة ، وسواء فيما له جهة الباعثيّة وغيره ... وله على هذا المدّعى برهانان :
(الأول) : إن الوجود عين التشخّص والواقعيّة ، فكلّ موجود متشخّص ،
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١٤١.