الأمر بالشيء بنحو الشرط المتأخّر أو البناء على معصيته بنحو الشرط المتقدّم أو المقارن ، بدعوى أنّه لا مانع عقلاً عن تعلّق الأمر بالضدين كذلك ، أي : بأنْ يكون الأمر بالأهمّ مطلقاً والأمر بغيره معلّقاً على عصيان ذاك الأمر أو البناء والعزم عليه ، بل هو واقع كثيراً عرفاً» (١).
لكنّه يرى أن لا طريق إلاّ على نحو الشرط المتأخّر ، بأن يكون المعصية على هذا النحو ، لأنّ العبادة لا بدّ وأن تنشأ من الأمر ، فلو اشترط معصية الأهم بنحو الشرط المتقارن ، فلا بدّ وأن تتحقّق بفعل المهم ، فلم ينشأ فعل المهم من الأمر به ، لأن المفروض أن لا أمر به قبل معصية الأهم ، أمّا لو تأخّرت المعصية عن الأمر ، كان فعل المهمّ ناشئاً عن الأمر به ، وأمّا العزم فلا تتحقّق به المعصية.
فقد قرّب صاحب الكفاية النظريّة بأنّه : لو كان الشرط هو العزم على المعصية فالمفروض عدم تحقّق المعصية ، فالأمر بالأهم على حاله بنحو الإطلاق ، والأمر بالمهمّ موجود مشروطاً ، ومع اشتراط العزم على المعصية وتأخّرها ، يكون فعل الضدّ ـ وهو المهم ـ ناشئاً من الأمر المتعلّق به والعزم على ترك الأهم. أمّا مع الاشتراط بالعصيان ، فيعتبر أن يكون بنحو الشرط المتأخّر ، لأنّه ترك الأهم وتركه في مرتبةٍ واحدةٍ مع فعل المهم ، فلمّا كان العصيان شرطاً للأمر بالمهم ، وقع فعل المهم في مرتبةٍ متقدّمة على الأمر به ، فيكون فرض العصيان بنحو الشرط المتأخّر.
وعلى أيّ حالٍ ، فقد أجاب عن هذا التقريب : بأنّ الأمر بالضدّين وطلبهما محال ، سواء كان التضادّ بالذات أو بالعرض ، لأنّ الطلب هو الإنشاء بداعي جعل الدّاعي ، ومع وجود التضادّ بين الشيئين كيف يتحقّق الداعي بجعل الداعي؟
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١٣٤.