واضح ، إذ الإرادة لا تكون عين الكراهة. وكذا بناءً على أنّ الأمر هو البعث والنهي هو الزجر ، إذ الاتّحاد بينهما غير معقول.
وأمّا أن يكون طلب الفعل عين طلب ترك الترك ، فالتحقيق : أنّ ترك الترك من المفاهيم التي يصنعها الذهن وليس لها ما بإزاء في الخارج ولا منشأ انتزاع ، فقول المحقّق الخوئي : بأنّه عنوان انتزاعي منطبق على الوجود ، غير صحيح ، لأنّ الصدق دائماً يكون في عالم الخارج ، ومن هنا قسّموا الحمل إلى الأوّلي المفهومي وإلى الشائع بلحاظ الوجود ، فترك الترك لا مصداقيّة له ، ولو قال بأنّ مصداقه الوجود ، فمن المحال كون المعنى الوجودي مصداقاً للمعنى العدمي ، ودعوى انتزاعيّته أيضاً باطلة ، لأنّ الانتزاع بلا منشأ له محال ، بل لا بدّ للأمر الانتزاعي من منشأ للانتزاع يكون متّحداً معه وجوداً ، كما في الفوقيّة والسقف ، وقد تقدّم أنّ ترك الترك لا حظّ له من الوجود الخارجي ، بل إنّه من صنع الذهن فقط ... والعجب أنّه قد أشار إلى هذا المعنى في كلماته حيث قال : «وليس له واقع في قبالهما وإلاّ لأمكن أن يكون في الواقع أعدام غير متناهية ، فإنّ لكلّ شيء عدماً ولعدمه عدم وهكذا إلى أن يذهب إلى ما لا نهاية له».
فظهر : أن ترك الترك ليس إلاّ من صنع الذهن ، فما ذهب إليه الميرزا والسيد الخوئي غير تام ، وكذا كلام الكفاية من أنّ بينهما اتّحاداً مصداقيّاً.
وأمّا قول (المحاضرات) بعد ما تقدّم : «فالقول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه في قوّة القول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي الأمر بذلك الشيء ، وهو قول لا معنى له أصلاً» ففيه : إنّه لا يكون كذلك ، لأنّهما ـ وإن اتّحدا مصداقاً ـ مختلفان مفهوماً ، والقائل بالعينيّة لا يدّعي العينيّة المفهوميّة ، والسيد الخوئي أيضاً يرى تعدّد المفهوم ، فلا معنى لكلامه المذكور.