الثاني : المقدّمة التي لا يتمكّن المكلّف معها من ذلك ، لكونها علّةً تامّة أو جزءاً أخيراً لها.
ففي القسم الأول لا تكون المقدّمة حراماً أو مكروهاً ، إذ مع الفرض المذكور لا وجه لذلك ، لعدم كونها واجدةً لملاك المقدّميّة وهو التوقّف ، بل يكون إتيانه لذي المقدّمة المحرَّم مستنداً إلى سوء اختياره ، بخلاف القسم الثاني.
وبعبارة أُخرى : إنّه في كلّ موردٍ تتوسّط الإرادة بين المقدّمة وذيها ، فلا تترشّح الحرمة أو الكراهة إلى المقدّمة ، وفي كلّ موردٍ لا توسط للإرادة بينهما ، كما في الأفعال التوليديّة ، حيث النسبة بين المقدّمة وذيها نسبة العلّة التامّة والمعلول ، فالمقدّمة تكون محرّمة أو مكروهةً كذلك.
وقال المحقّق النائيني (١)
بأنّ المكلّف تارةً : عنده صارف يصرفه عن ارتكاب الحرام وأُخرى :
لا صارف عنده. فإنْ كان عنده صارف عن الحرام ، فلا تتّصف المقدّمة بالحرمة ، لعدم ترتّب أثر عليها.
وأمّا إن لم يكن عنده صارف فهنا صور :
(الصورة الأُولى): أن يتعدّد المقدّمة وذو المقدّمة عنواناً ويتّحدا وجوداً ، كصبّ الماء للوضوء حالكون الماء مغصوباً ، فقد تحقّق عنوانان أحدهما : صبّ الماء وحكمه الوجوب والآخر : الغصب وحكمه الحرمة ، لكنّهما متّحدان وجوداً ، فالمورد من صغريات اجتماع الأمر والنهي ، وتكون المقدّمة محرّمةً بالحرمة النفسيّة ـ لا الغيريّة ـ لأنّ النهي حينئذٍ يتوجّه إلى نفس الفعل التوليدي.
(الصورة الثانية) أن يتعدّد المقدّمة وذو المقدّمة عنواناً ووجوداً :
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ٣٦١.