وكذا الحمل على الارشاد إلى المقدميّة ، ففيه : إنّه من الواضح في مثل : ادخل السّوق واشتر اللحم ، كون الدخول مقدمةً للشراء ، ولا حاجة إلى التنبيه والإرشاد إليه.
(قال) والذي يمكن أن يقال في الجواب : إنّ لابدّية الإتيان بمتعلّق الأمر هي لترتّب ذي المقدّمة عليه ، وهذه الخصوصيّة تمنع من انعقاد الظهور العرفي للأوامر الشرعيّة المتعلّقة بالمقدّمات في الطلب المولوي.
لا يقال : إنّه بعد ثبوت حكم العقل بلابديّة المقدّمة ، من باب الملازمة العقلية بين المقدمة وذيها ، يكون المقام من صغريات قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، فيتم الحكم الشرعي ، أعني وجوب المقدّمة شرعاً.
لأنّ الأصحاب قد نفوا الوجوب الشرعي هنا مع قولهم بقانون الملازمة. وبيان ذلك بحيث يكون نافعاً في سائر الموارد هو :
إن العقل ، سواء قلنا بأنه حاكم أو مدرك فقط ، إنما يحرّك المكلّف ويحمله على امتثال حكم المولى حتى يخرج عن عهدة التكليف ، فيما إذا لم يكن قبله حكم من الشرع ، لأنّ حكم الشرع السابق على حكم العقل يكون كافياً لداعويّة العبد ، وفي مثل هذه الحالة لا أثر للحكم العقلي ليكون مورداً لقاعدة الملازمة ، على أنّه يستلزم التسلسل ، لأنّ الحكم العقلي لو استتبع حكماً شرعيّاً ، كان الحكم الشرعي موضوعاً لوجوب الإطاعة عقلاً ، ووجوب الإطاعة لو استتبع حكماً شرعيّاً ، كان موضوعاً لوجوب الإطاعة كذلك ، وهكذا فيتسلسل. ومن هنا قالوا : الأحكام العقليّة التي هي في طول الأحكام الشرعيّة ليست مورداً لقاعدة كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع.
بل الأحكام العقليّة التي هي مورد القاعدة هي الأحكام العقليّة الواقعة في