«ولدان» لا غلمان :
وكلمة ولدان تختزن في داخلها معان رائعة وخلابة ، تحرك المشاعر النبيلة بصورة عفوية ، وهي وإن كانت مبهمة ، ولكنها تتحرك لتتجسد بصورة عملية وواقعية ، وتتبلور ، ويصير لها حجم ، وأثر ودور أصيل ، وقوي وفاعل.
وقد ذكر سبحانه أنّ الطائفين على الأبرار هم «ولدان» ولم يقل غلمان .. ربما ليستبعد إيحاءات كلمة غلام ، التي تستعمل في الخادم وتطلق أيضا على الشاب في بدايات شبابه ، كما تطلق على الشيخ الكبير أحيانا .. فهي من الأضداد .. أو أنها موضوعة لمعنى لا يأبى عن الانطباق على الشاب وعلى الشيخ على حد سواء.
«ولدان» أو أشخاص؟ :
وكذا لم يقل سبحانه : «يطوف عليهم أشخاص» ، أو نحو ذلك ، ربما من أجل أن يؤنس الأبرار حين يشير لهم بكلمة «ولدان» إلى أن الذين يطوفون عليهم ، فيهم نشاط وحيوية ، وفتوة ، وهم في مقتبل العمر.
ثم هو يشير أيضا إلى الطراوة ، والنضرة ، وإلى البراءة .. وهي معان يأنس بها الأبرار ، ويرتاحون لالتماعاتها الهادئة.
«ولدان» جمع وليد :
وفي التعبير بكلمة «ولدان» إشارة إلى أمر آخر مهم وجليل أيضا ، وهو : أن هذه الكلمة هي جمع «وليد» وهو الصبي حين يولد ، وهذا يعني :
أولا : إن ثمة ولادة لهؤلاء الذين يكرم الله تعالى الأبرار بهم ، وأنهم لم يرد الخلق عليهم بصورة إبداعية وابتدائية ، فليس خلقهم مثل خلق آدم وحواء ، وخلق الأرض والجبال ، وما إلى ذلك ، بل خلقهم هو بطريقة