للحصول على الكمالات الناشئة عن الإحساس بالنقص والحاجة ، بسبب القصور في الوصول لمراداتهم وحاجتهم إلى تقريب البعيد لهم. حين يشعرون بضرورة ذلك .. لأن الجنة لا يصح أن يشعر المتنعمون فيها بالنقص ، أو الحاجة إلى تقريب البعيد ، لأن حاجاتهم تحضر لهم قبل أن يتكون لديهم ذلك الشعور الذي قد ينقص من درجة نعيمهم ..
أضف إلى ذلك : أن هناك خدمات تهدف إلى رفع مستوى النعيم لأهل الجنة ، بفعل اقتراحي يبتدئهم الله سبحانه به ..
لما ذا لم يقل : يخدمهم؟ :
وأما لما ذا لم يشر إلى موضوع الخدمة؟ .. فلعله قد ظهر ذلك من البيان السابق ، حيث قلنا إن الأمر لا يقتصر على الحاجات. بل لا توجد حاجات لهم في الجنة أساسا ، فإن النعيم فيها إنما هو في نيلهم درجات تبدأ من مرحلة ما بعد قضاء الحاجات لهم ، ورفع النقائص عنهم.
واللافت هنا : أن الله سبحانه لم يشر أبدا في القرآن الكريم إلى هذه الكلمة ، أعني كلمة : الخدمة ، ولا إلى أي شيء من اشتقاقاتها ، وربما يكون ذلك لأجل تحاشي ما لها من إيحاء مكروه ، وغير مناسب ولا منسجم مع الفطرة الصافية ، ولا تألفه ولا تستسيغه الطبيعة البشرية ، لبعده عن معنى الكرامة ، والعزة ، وخصوصا في الجنة ، حيث يصبح استبعاد هذه المفردات أكثر إلحاحا.
فإنه تعالى لا يمكن أن يختار التعبير الذي يؤذي الروح ، ولو بهذا المستوى من الإيحاء ، لأنه يريد للجنة أن تكون نقية من الشوائب صافية صفاء أرواحهم ، وقلوبهم ، ووجدانهم ، من كل الكدورات.