قال الزجاج : يقال : قبلت به أقبل ؛ كما يقال : كفلت به أكفل ، وعلى هذا : فهو واحد أريد به الجمع ؛ كقوله : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء : ٦٩] ، وقال أبو عليّ : معناه المعاينة ؛ كقوله تعالى : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا) [الفرقان : ٢١].
قوله : «قبيلا» [حال من «الله ، والملائكة» أو من أحدهما ، والآخر محذوفة حاله ، أي : بالله قبيلا ، والملائكة قبيلا ؛] كقوله : [الطويل]
٣٤٦٥ ـ .......... كنت منه ووالدي |
|
بريئا ... (١) |
وكقوله : [الطويل]
٣٤٦٦ ـ ........... |
|
فإنّي وقيّار بها لغريب (٢) |
ذكره الزمخشريّ ، هذا إذا جعلنا «قبيلا» بمعنى كفيلا ، أي : «ضامنا» أو بمعنى «معاينة» كما قاله الفارسي ، وإن جعلناه بمعنى «جماعة» كان حالا من «الملائكة».
وقرأ الأعرج (٣) «قبلا» من المقابلة.
قوله : (أَوْ تَرْقى) : فعل مضارع [منصوب] تقديرا ؛ لأنه معطوف على «تفجر» ، أي : أو حتّى ترقى في السّماء ، [أي :] في معارجها ، والرقيّ : الصعود ، يقال : رقي ، بالكسر ، يرقى ، بالفتح ، رقيّا على فعول ، والأصل : «رقوي» فأدغم بعد قلب الواو ياء ، ورقيا بزنة ضرب ، قال الراجز : [الرجز]
٣٤٦٧ ـ أنت الّذي كلّفتني رقي الدّرج |
|
على الكلال والمشيب والعرج (٤) |
قوله تعالى : (نَقْرَؤُهُ) يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون نعتا ل «كتابا».
والثاني : أن يكون حالا من «نا» في «علينا» ؛ قاله أبو البقاء ، وهي حال مقدرة ؛ لأنهم إنما يقرؤونه بعد إنزاله ، لا في حال إنزاله.
فصل في سبب نزول الآية
قال المفسرون : لمّا قال المشركون : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا) الآيات ، قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقام معه عبد الله بن أميّة ، وهو ابن عمّته عاتكة بنت عبد المطلب ، فقال : يا محمد ، عرض عليك قومك ما عرضوا ، فلم تقبله منهم ، ثمّ سألوك لأنفسهم أمورا يعرفون بها منزلتك من الله تعالى ، فلم تفعل ، ثمّ سألوك أن تعجّل ما تخوّفهم به ، فلم تفعل ، فو الله لا أومن بك حتّى تتّخذ إلى السّماء سلّما ترقى فيه ، وأنا أنظر حتّى تأتيها ، وتنزل بنسخة منشورة ، ومعك نفر من الملائكة يشهدون لك بما تقول. وأيم الله ، لو فعلت ذلك ،
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٦ / ٧٨ ، والدر المصون ٤ / ٤١٩.
(٤) ينظر : لسان العرب (عرج) ، والبحر المحيط ٦ / ٦٧.