قائمة الکتاب
سورة الإسراء
الآية 31
٢٦٦سورة الكهف
إعدادات
اللّباب في علوم الكتاب [ ج ١٢ ]
اللّباب في علوم الكتاب [ ج ١٢ ]
المؤلف :أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :592
تحمیل
النهي وتقدّم الكلام عليه ، و«ملوما» : إمّا حال ، وإمّا خبر كما تقدّم ؛ ومعنى كونه ملوما : أنه يلوم نفسه ، وأصحابه أيضا يلومونه على تضييع المال وإبقاء الأهل في الضّرر والمحنة ، أو يلومونه بالإمساك إذا سألوه ولم يعطهم ، وأمّا كونه محسورا ، فقال الفراء : العرب تقول للبعير : محسور ، إذا انقطع سيره ، وحسرت الدابّة ، إذا سيّرتها حتى ينقطع سيرها ، ومنه قوله تعالى : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) [الملك : ٤].
وقال قتادة ـ رحمهالله ـ : محسورا نادما على ما فرط منك (١) ويجمع الحسير على حسرى ، مثل : قتلى وصرعى.
قال الشاعر : [الطويل]
٣٤١٠ ـ بها جيف الحسرى ، فأمّا عظامها |
|
فبيض وأمّا جلدها فصليب (٢) |
وحسر عن كذا ، كشف عنه كقوله [الطويل]
٣٤١١ ـ ... يحسر الماء تارة |
|
........... (٣) |
والمحسور : المنقطع السّير ، ومنه حسرت الدّابة ، قطعت سيرها ، وحسير أي : كالّ : تعبان بمعنى : محسور.
قال القفال (٤) : شبّه حال من أنفق كلّ ماله بمن انقطع في سفره بسبب انقطاع مطيته ؛ لأنّ ذلك المقدار من المال ، كأنّه مطيّة تحمل الإنسان إلى آخر السّفر ، كما أن ذلك البعير يحمله إلى آخر منزله ، فإذا انقطع ذلك البعير بقي في وسط الطّريق عاجزا متحيّرا ، فكذلك إذا أنفق الإنسان مقدار ما يحتاج إليه في مدّة شهر ، بقي في وسط ذلك الشهر عاجزا متحيرا ، ومن فعل هذا ، لحقه اللّوم من أهله والمحتاجين إلى إنفاقه عليهم بسبب سوء تدبيره ، وترك الحزم في مهمّات معاشه. ثم قال تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) أي يوسّعه على البعض «ويقدر» ، أي : يضيّق على البعض بحسب ما يعلم من المصالح.
قال تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) [الشورى : ٢٧] والقدر في اللغة التّضييق. قال تعالى : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) [الطلاق : ٧]. (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) [الفجر : ١٦] أي: ضيّق.
قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً)(٣١)
قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) الآية في تقرير النظم وجوه :
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٧٢).
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٢٠ / ١٥٦.