ثم انّه احتمل ترجيح اطلاق الهيئة بحسب أنظار العرف ، لكون الهيئة علّةً لوجود المادّة ، ثم قال : «لكن مع ذلك لا تخلو المسألة من إشكال» ثم قال بأنّ «مقتضى الأصل هو التأكيد ، لأصالة البراءة عن التكليف الزائد».
وقد أورد شيخنا على كلام المحقق العراقي بوجوهٍ :
الأول : إنه إنّ ليس العلّة لوجود المادّة هو الهيئة أي الوجوب ، بل هو علم المكلّف بالوجوب ، فلا تقدّم بالعليّة للهيئة ، لكنّ المادّة متقدّمة على الهيئة بالتقدّم الطبعي.
والثاني : إنّ الملاك هو التقدّم والتأخّر في مقام الجعل ، ومن الواضح أن المولى يلحظ المتعلّق ثم يجعل الحكم بالنسبة إليه ، فيكون إطلاقه ـ إن أُخذ مطلقاً ـ مقدّماً على إطلاق الهيئة إن أُخذت كذلك.
والثالث : إنّ هذه المسألة عرفيّة والتقدّم والتأخر فيها زماني ، وليست بعقليّة حتى يكون المناط فيها هو المرتبة ، والعرف يفهم توجّه الوجوب إلى «عتق الرقبة» ويلحظهما معاً في آنٍ واحدٍ ويتحرك نحو الامتثال ، وليس يوجد في نظر العرف اختلاف المرتبة أصلاً.
قال الأُستاذ
والتحقيق هو : أنّ هذا الكلام له ظهور ـ ولا وجه للتوقف كما صار إليه المحقق العراقي ـ وهو ظهور مقامي ، لأنّ كلّ أمرٍ صادر من المولى فلا بدّ وأن يكون بداعٍ من الدواعي ، كالبعث ، والاختبار ، والاستهزاء وغير ذلك ، فإذا كان الداعي هو البعث ، أي كان إنشاءً بداعي جعل الداعي في نفس العبد ، ولم يكن هناك أيّة قرينةٍ ، كان مقتضى هذا الإطلاق داعويّة كلّ واحدٍ من الأمرين ، واستلزامه