فلا معنى لكونه موجودا في جميعها. فنفي الحضور عن زمانه ـ سبحانه ـ لعدم حضور الزمان في حقّه أصلا لا لعدم زمان مختصّ له ، فلا يجوز أن يقال : ليس هو ـ تعالى ـ في غيره من الأزمنة لذلك لا لأنّه لا يكون في زمان أصلا.
والحاصل انّ المنفيّ في قول المحقّق إنّما هو ادراك الجزئيات المشخّصة على وجه يدرك بالآلات الجسمانية ـ أي : على وجه يكون به مشارا إليها « بهاهنا » و « هناك » ـ ، وهو كونها مشارا إليها بالاشارة الحسية. ومعلوم انّ نفي هذا الادراك ـ لكونه نقصا ، لتعاليه عن الزمان والمكان ـ لا يستلزم نفي المعلومية بالكلّية ، فانّ انكشافها بالاطلاع الحضوري عنده ـ تعالى ـ أتمّ وأقوى من الانكشاف الحاصل من الإحساس بالآلات الجسمانية. وكذا المنفى من الحضور في كلامه إنّما هو حضور أمر من شأنه الغيبة ، ومعلوم انّ نفي الحضور بهذا المعنى لا يوجب نفي الحضور مطلقا.
ثمّ كما انّ نفي الادراك على وجه الاشارة الحسية ونفي الحضور بالمعنى المذكور لا يستلزم نفي المعلومية بالاطّلاع الحضوري والانكشافي الاشراقي فكذلك لا يستلزم نفي معلومية الادراكات الحسية والحضور والغيبة الّتي تحصل لبعض الممكنات بالنسبة إلى بعض آخر ، فجميع ما يحصل بين الممكنات من الادراكات على وجه الاشارة الحسية وعلى وجه يكون المدركات به مشارا إليها « بهاهنا » و « هناك » ـ وكذا الحضورات والغيبات وغير ذلك من الأوضاع والأحوال الّتي يتحقّق بين الممكنات ـ معلومة له ـ تعالى ـ بالاطّلاع الشهودي.
ويمكن أن يقال : انّ المعترض توهّم انّ المنفي في قول المحقّق : « ولا يحكم على شيء بأنّه موجود الآن أو معدوم أو موجود هناك أو معدوم » : إنّما هو الادراك الّذي يتحقّق به كون الشيء مشارا إليه بالاشارة الحسية ، وهو كون الشيء مشارا إليه بالنسبة إلى ما هو مثله في كونه زمانيا بمعنى انّ الادراكات والحضورات المكانية والزمانية الّتي تقع بين الممكنات لا تكون معلوما له ـ تعالى ـ ، لتوقّف ذلك أيضا على الآلات الجسمانية.
وحينئذ فالجواب عنه : انّ التوقّف على الآلات الجسمانية إنّما هو إذا حصل الادراك بالاحساس لا إذا حصل / ١٧٧ MA / الادراك الاحساسي بالاطلاع الحضوري ؛ والمنفي