الشخص الواحد شخصين ؛ وإن كان كونه واجب الوجود غير كونه هو بعينه فمقارنة واجب الوجود لما هو بعنيه إمّا أن يكون أمرا لذاته من حيث هو واجب الوجود أو لعلّة وسبب غيره ، فان كان لذاته ـ أي : لأنّه / ٢٤١ MA / واجب الوجود ـ فيكون كلّ ما هو واجب الوجود هذا المعيّن بعينه ، فلا يكون غيره واجب الوجود ؛ وإن كان بسبب وموجب غير الذات من حيث هو واجب الوجود فيكون لكون واجب الوجود هذا بعينه سبب ، فيكون هذا ممكنا معلولا ، وقد فرضناه فردا لواجب الوجود بالذات.
وقريب ، من هذا الدليل ما ذكره أيضا في الشفا بأنّ الواحد بما هو واجب الوجود يكون ما هو به هو وهو ذاته ومعناه ، أمّا مقصور عليه لذات ذلك المعنى لا لعلّة ، فان كانت حقيقة الواجب الوجود لأجل نفسها هي هذا المعيّن استحال أن يكون تلك الحقيقة ليست هذا ، فلا يمكن أن يوجد / ٢٤٣ DB / لغيره ؛ وإن كان تحقّق هذه الحقيقة لهذا المعيّن لا عن ذاتها بل عن غيرها فيكون وجود الخاصّ له مستفادا من غيره ، فلا يكون واجب الوجود هذا خلف ؛ فاذن حقيقة واجب الوجود واحد فقط. وكيف يكون الماهيّة المجرّدة ـ أي الماهية الصرفة ـ بلا لحوق أمر آخر إليه للذاتين والشيئان انّما يكون اثنين امّا بسبب المعنى ـ أي : بسبب نفس الماهيّة وأصل المعنى ـ أو بسبب الخاصّ للمعنى ، فالوضع للعرض أو العلّة للمعلول ؛ وإمّا بسبب الوضع والمكان ؛ أو بسبب الوقت والزمان ، وبالجملة لعلّة من العلل ؛ لأنّ كلّ اثنين لا يختلفان بالمعنى فانّما يختلفان لشيء عارض للمعنى مقارن له ، وكلّ ما ليس له وجود إلاّ وجود معيّن ولا يتعلّق بسبب خارج أو حالة خارجية فبما ذا يخالف مثله؟.
ومنها : ما ذكره الشيخ أيضا في الشفا بقوله : وبالجملة إنّ الفصول وما يجري مجريها لا يتحقّق بها حقيقة المعنى الجنسى من حيث معناه ـ أي : ليس متمّما وداخلا في معناه ـ ، بل انّما كانت علّة لتقديم الحقيقة موجودة والوجود امر خارج عن حقيقة المعنى الجنسي في غير الواجب ، فانّ الناطق ليس شرطا يتعلّق به الحيوان في أنّ له معنى الحيوان وحقيقته ، بل في أن يكون موجودا معينا ، وإذا كان المعنى العامّ ـ أي : الّذي فرض أنّه جنس ـ وما يوجب التعيّن فصله أو نوع وما يوجب التعيّن بشخصه نفس