( الفصل الثالث )
( في اثبات حياته ـ سبحانه ـ )
اتّفق كافّة أهل الأديان وجمهور العقلاء على أنّه ـ تعالى ـ حيّ ، وثبت من الشريعة المقدّسة اطلاق الحياة عليه ـ سبحانه ـ.
ثمّ الحياة في الحيوان عبارة عن صفة تقتضي الحسّ والحركة الارادية ، فالحياة بهذا المعنى يتمّ بادراك ـ هو الإحساس ـ وفعل ـ هو التحريك ـ منبعثين عن قوّتين مختلفتين.
ولا ريب في تنزيهه ـ سبحانه ـ عن الحياة بهذا المعنى ، فاختلف العقلاء في معنى الحياة الذي يطلق عليه ـ سبحانه ـ.
فقال جمهور المتكلّمين : انّها صفة توجب صحّة العلم والقدرة ؛
وقال الحكماء وبعض المعتزلة : انّها كونه ـ تعالى ـ بحيث يصحّ أن يعلم ويقدر.
ولا ريب في أنّ قول المتكلّمين لايجابه اثبات صفة زائدة على ذاته باطل ، فالحقّ ما ذهب إليه الحكماء. وتحقيق مذهبهم هو ما اشار إليه بهمنيار بقوله : « الحيّ هو الدراك الفعّال. وهذان الوصفان له ـ تعالى ـ بذاته ؛ ومعنى قولي : « بذاته » : إنّ وجوده ـ تعالى ـ هو كونه بحيث يصدر عنه افعال الحياة. وشرح ذلك : هو إنّ الحى هو أن يكون الشيء بحيث يصدر عنه الفعل / ١٩١ DA / والادراك ، وذلك على وجهين :
فأحد الوجهين : أن يكون وجوده حياته ؛