ظهوره في لسان الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ وايجاده ـ تعالى ـ إيّاها فيه. والحاصل : انّ ايجاد الله ـ تعالى ـ الالفاظ في لسان النبيّ ـ عليهالسلام ـ ليس شرطا لوجود الوحي ، بل شرطا لظهور الوحى ؛ وذلك الظهور بالنسبة إلى الغير لا بالنسبة إلى الّذي يوحي إليه كموسى ـ عليهالسلام ـ. نعم! ؛ يمكن أن يقال بجواز مقارنة تحقّق الألفاظ للوحي بمجرد الاحتمال العقلي.
وإذ ثبت أنّ القرآن وكلام الله اسمان لهذا المؤلّف المخصوص لا من حيث تعيين المحلّ ـ ولذلك يكون واحدا بالنوع ـ فحينئذ ما يقال : أنّ المكتوب في كلّ مصحف والمقروء بكلّ لسان كلام الله فباعتبار الوحدة النوعية ؛ وما يقال : إنّه حكاية عن كلام الله ـ تعالى ـ ومماثل له وانّما الكلام هو المخترع في لسان الملك فباعتبار الوحدة الشخصية.
ثمّ الاختراع في لسان الملك إمّا أن يكون في عالم الملك ، أو عالم المثال ، أو عالم الملكوت ـ أي : عالم التجرد الصرف ـ ؛ وعلى الاخيرين يكون استعمال اللسان على سبيل التشبيه والمجاز. وربما قيل : تحقّق اللسان على الحقيقة في عالم المثال ، وهو اللسان اللطيف المثالي ـ كما في المنام ـ. وجميع الأقسام الثلاثة واقع على ظاهر كلام أهل الشريعة.
وأمّا الحكماء وبعض المتكلّمين فهم القائلون بالقسمين الأخيرين ـ أعني : الاختراع في عالم المثال والاختراع في عالم الملكوت ـ ولا يقولون بوقوع اختراع كلام الله في عالم الملك وإن كان المقروء بالألسن بحسب وجوده في عالم الملك بعد اختراعه من عند الله ـ تعالى ـ في عالمي التجرد والمثال كلام الله ـ تعالى ـ عندهم ، فالكلام المنزل أوّلا لا يكون بالصوت القائم بالهواء ضرورة أنّ الانزال في الملكوت مقدم على الانزال في عالم المثال المقدّم على الانزال الملكي.
ثمّ وجود الألفاظ في عالم الملكوت انّما هو وجود ظلّي عقلي كما أنّ وجودها في عالم المثال وجود ظلّي مثالي. والوجود / ٢١١ MB / الظلّي هو الوجود الّذي يسمّى الاشراقيون ما في عالم الملك مثالا بالنسبة إليه ، فانّهم يسمّون الموجودات الخارجية في