ثمّ قال العلاّمة الخفري متّصلا بما نقلنا عنه : وبذلك التحقيق ـ أعني : كون العلم الّذي عين ذاته تعالى تفصيليا بالنسبة إلى الصادر الأوّل ـ يندفع سؤالات مشهورة :
أحدها : إنّ العلم الاجمالي الّذي نسبته إلى جميع المعلولات على السواء لا يصحّ أن يكون منشأ لصدور خصوص الصادر الأوّل.
ووجه الاندفاع : إنّ العلم الّذي يقتضي الصدور إنّما هو العلم التفصيلي وهو إنّما يتحقّق بالنسبة إلى الصادر الأوّل فقط.
وأنت خبير بما في هذا الجواب!.
والصحيح في دفع هذا السؤال أن يقال : انّ العلم الاجمالي عند القائلين بتقدّمه ليس منشأ للصدور وعلّته ، وكذا العلم التفصيلي عند من قال بتقدّمه ؛ بل المنشأ لصحّة الصدور ليس إلاّ القدرة. وما يقال : « إنّ العلم الفعلي سبب للايجاد » مبني على لابدّيته في القدرة الّتي هي علّة الايجاد.
ثمّ اقتضاء القدرة لخصوصية المعلول الأوّل إنّما هو بمناسبة ذاته ـ تعالى ـ له بخصوصه ، ثمّ مناسبة ذاته مع المعلول الأوّل للمعلول الثاني وهكذا على الترتيب.
على انّا لو سلّمنا إنّ العلم المقدّم سواء كان حصوليا أو حضوريا أو إجماليا أو تفصيليا علّة للصدور فوجه خصوصية الاقتضاء هو ما ذكر ، ولا مدخلية بما ذكره العلاّمة الخفري ؛ فانّه لا ريب في انّ اعتبار العلم الاجمالي ليس لتصحيح الصدور ، بل لبيان إنّ كماله إنّما هو بذاته لا بأمر زائد.
ثمّ قال : وثانيهما انّه كيف يصحّ أن يكون أمر واحد علما بالأمور الغير المتناهية!؟.
واندفاعه بأن يقال : إنّ ذلك حاضر في العلم الاجمالي ، وقد عرفت إنّ ذلك جائز في العلم التفصيلى أيضا بمعنى إنّ ذاته ـ تعالى ـ ما ينكشف به الأشياء انكشافا تفصيليا ، فهو عين العلم الحقيقي وملزوم للعلم الاضافي بالأشياء على التفصيل على وجه لا يلزم تكثّر في بساطته الحقّة ووحدته الصرفة ـ على ما علمت مفصّلا ـ.
ثمّ قال : وثالثها إنّ القوم قد صرّحوا بأنّ العلم الفعلي هو ايجاد المنكشف بذاته ، وكلام المحقّق الطوسي يدلّ على أنّ الموجود المنكشف بذاته هو العلم ـ لما صرّح بأنّ العلم