بقوله : « وتغيّر الاضافات ممكن » (١).
ولا يخفى عليك انّ العلم الاجمالي على الاحتمال الأوّل وإن لم يكن فيه تغيّر ـ نظرا إلى عدم تعلّقه بخصوصيات الأشياء وتفاصيلها ـ إلاّ أنّك قد عرفت بطلان القول به. والعلم الاجمالي على الاحتمال الثاني وإن كان عين الذات وليس فيه تغيّر ، إلا انّه لا بدّ معه من القول بثبوت العلم بمعنى الاضافة الاشراقية ، ومع تسليم ثبوت التغيّر فيها يلزم ما ذكرناه سابقا من لزوم تجدّد نسب الأوقات والأزمان بالنسبة إليه ـ تعالى ـ ؛ هذا.
وأورد بعض الأفاضل على التقرير المناسب الّذي أورده الخفري بأنّ هذا لا يدفع الشبهة على التقريرات المذكورة ، إذ بدّل لزوم التغيّر في العلم فيها بلزوم التغيّر في الحكم ؛ على انّه لا حاجة إلى هذا التبديل ، لأنّ المراد بالعلم هو الحكم. وعدم دفع الشبهة حينئذ لما عرفت من انّ تغيّر الحكم لازم بسبب وقوع الحاكم تحت الأزمنة. وكون العلم حضوريا لا ينفع في ذلك.
وأيضا نقول : إذا كان شيء من الأشياء منكشفا بذاته عنده ـ تعالى ـ في زمان معيّن بسبب حضور ذاته في ذلك الزمان فإذا انقضى ذلك الزمان يزول لا محالة ذلك الانكشاف ، لأنّ الحضور إنّما كان بسببه وقد زال سواء بقى صورته في المدرك أم لا ، إذ الانكشاف الحضوري أمر وراء العلم الصوري كما انّ المبصر إذا غاب عن بصرنا يزول عنّا الحالة الّتي نسمّيها الابصار ، ولا يكفى في ذلك بقاء صورته في خيالنا. ولا شبهة في انّ الانكشاف المذكور وكذا الابصار حالتان وجوديتان يستلزم زوالهما زوال حالة وجودية عن المبصر وعن المنكشف لديه ؛ انتهى.
وأنت خبير بأنّ ما ذكره أوّلا من أنّ تغيّر الحكم لازم بسبب وقوع الحاكم تحت الازمنة ممنوع ـ كما عرفت مرارا ـ ؛ إلاّ أنّ غرض الخفري وغيره ممّن أجاب عن هذه الشبهة انّ العلم الّذي يلزم فيه التغيّر ـ سواء كان بمعنى الحكم أم لا ـ هو أمر اضافي والتغير فيه جائز بالنسبة إلى الواجب ـ سبحانه ـ ، فكان اللازم أن يدفع هذا الجواب على ما ذكرناه من أنّ التغيّر في الأمر الاضافي وإن كان جائزا إلاّ انّه غير جائز ـ
__________________
(١) راجع : المسألة الثانية من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص ٢٢٢.