الحضوري على نحو واحد. وبالجملة ليس في علومه مغايرة وتفاوت جلاء وخفاء سواء قيل بأنّ علمه حصولي أو حضوري ، لأنّ علمه بالأشياء جميعا إمّا بحصول صورها في ذاته أو بانكشافها لديه ، وعلى التقديرين يكون علمه بنحو واحد. ولا يوجد في بعض / ٢٠٣ DB / علومه خصوصية بالظهور والخفاء لا يوجد في غيره وإلاّ لزم النقص والجهل. وعلى هذا فينحصر الجواب عن الاستدلال المذكور بأن يقال : هذه الخصوصية المتحققة في الرؤية والسمع وغيرهما من الاحساسات دون الاطّلاع الحضوري ليست صفة كمالية حتّى يكون عدمها نقصا للواجب ، بل ربما صحّ القول بانّ وجودها نقص ، وما هو صفة الكمال في مطلق الادراك ـ أعني : الظهور والجلاء ـ فهو في العلم الحضوري الّذي للواجب أشدّ من الظهور والجلاء الّذي في الرؤية والسمع بمعناهما المتعارف.
وبما ذكرناه ظهر أنّه لا بدّ من التأمّل في أنّ اثبات هذه الاحساسات على الوجه الجزئي الخاصّ البديهي الّذي يعرفه كلّ أحد للواجب ـ سبحانه ـ بدون الآلات هل هو نقص أم لا؟! ، وهل الظهور الّذي فيها أشدّ من الظهور في مطلق العلم الحضوري أم لا؟!.
فنقول : ذهب جماعة إلى أنّ اثبات الرؤية بهذا المعنى الخاصّ للواجب / ٢٠١ MA / ـ سبحانه ـ بدون الآلة على الوجه الّذي ثابت لنا بالآلة ليس فيه نقص واستحالة ، وثبوت هذا الأمر بدون الآلة ليس فيه استبعاد. وممّا يكسر سورة الاستبعاد مشاهدة النفس في الرؤيا اشياء كثيرة رؤيتها لها من دون استعانة بآلة البصر. ثمّ الابصار بهذا الوجه الخاصّ وإن كان نوعا من العلم إلاّ أنّه ليس من العلم الحصولى ولا الحضوري بالمعنى المعروف ، بل هو نوع آخر من العلم ربما كان الجلاء والظهور فيه بالنسبة إلى بعض الهيئات وبالنسبة إلى الأشياء المبصرة أشدّ من العلم الحضوري المتعلّق بهذه الأشياء المبصرة ، وحينئذ تقدّم ثبوته للواجب نقص للزوم فقد خصوصية الأظهرية الثابتة للابصار عنه ـ سبحانه ـ. ولا يوجب ثبوته أيضا للواجب تكثّر ولا تركّب ولا اختلاف حيثيات وجهات ، لكونها صفة اضافية كسائر الصفات الاضافية. وقس عليه الحال في السمع ، فانّ نفس استماع الصوت ـ المعبّر عنه بالفارسية ب : « شنيدن » ـ غير العلم به ، لأنّ الجلاء والظهور في نفس الاستماع أشدّ من العلم به ، فعدم ثبوته للواجب