وإن كان المراد به انّه متحقّق في صورة تغاير العالم والمعلوم وانّ النسبتين ممكنتان في هذه الصورة فلا ينفع فيما نحن فيه ، لانّ الكلام في صورة اتحاد العالم والمعلوم كما في علمه ـ تعالى ـ بذاته.
وامّا رابعا : فلانّ ما ذكر من أنّ النسبة بين العالم والمعلوم هي بعينها النسبة بين الصفة والمعلوم اعتبرت بالعرض بين العالم والمعلوم ؛
يرد عليه : انّ اعتبار النسبة ـ سواء كان بالذات أو بالعرض ـ يقتضي تغاير الطرفين في الجملة ، فيستلزم تغاير العالم والمعلوم البتة ، فلا يتمّ هذا الكلام أصلا إلاّ بالتمسك بحديث كفاية التغاير الاعتباري ؛ فيلغو باقى الكلام!.
وحينئذ فالحقّ في الجواب أن يقال : أنّه لا ريب في أنّ العلم ـ وهو الاضافة الاشراقية ـ نسبة بين العالم والمعلوم ولكن التغاير الاعتباري كافّ لتحقّق هذه النسبة ، والدليل على ذلك هو علم النفس الناطقة بذاتها.
قيل : وإلى هذا الجواب عن الشبهة المذكورة اشار المحقّق الطوسي في التجريد بقوله : « والتغاير اعتباري » (١) ، أي (٢) إنّ ذات الباري باعتبار صلاحيتها للمعلومية في الجملة مغايرة لها باعتبار صلاحيتها للعالمية في الجملة ، وهذا القدر من التغاير يكفي لتحقّق النسبة.
وقال بعض المشاهير : انّ المراد من هذه العبارة : إنّ التغاير بين العلم والمعلوم والعالم في علم الأوّل لذاته اعتباري وكذا التغاير بين العلم والمعلومات في علمه ـ تعالى ـ للمعلومات بالذات الّتي هي الموجودات العينية والصور الإدراكية المعلومة بالحضور ، لا المعلومات بالتبع كما في علم الواجب بذي الصورة بسبب حصول الصورة في الجوهر الأوّل مثلا ، فانّ التغاير في هذه الصورة بين العلم والمعلوم ذاتي وليس بمجرّد الاعتبار ، فهذا الكلام جواب عن كلّ من السؤالين اللذين أحدهما : إنّ العالم ما حضر عنده المعلوم فوجب المغايرة بينهما ، فلا يصح الحكم بأنّ الأوّل ـ تعالى ـ عالم بذاته ؛
__________________
(١) راجع : المسألة الثانية من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص ٢٢١.
(٢) الاصل : ـ أي.