المعلول. فنمنع اشتراك معنى واحد بين حقائق مختلفة إلاّ تبعا لمشترك ذاتي بينهما ؛ وهذا ما يقال : « انّ ما به الاشتراك العرضي تابع ومستند إلى ما به الاشتراك الذاتي ».
وإن شئت بيانا أوضح من ذلك فنقول : قد عرفت أنّ حقيقة الوجود ـ أعني : ما هو منشأ انتزاع الوجود العامّ ـ كما هو عين ذات الواجب في الخارج فكذلك ماهية الواجب عين مفهوم وجوده في الذهن ، ومفهوم وجوب الوجود معنى واحد غير مختلف ، فلو كان هذا المفهوم منتزعا من حقيقتين مختلفين لزم أن يكون لحقيقتين مختلفين ماهية واحدة غير مختلفة وهو محال ، إذ حقيقته ـ كما عرفت ـ ليست إلاّ الماهية باعتبار وجودها في الخارج ، بل الحقيقة ليست في الحقيقة إلاّ / ٢٣٩ DA / منشأ انتزاع الماهيّة ، فلو كان مفهوم واجب الوجود معنى واحد غير مختلف منتزعا من حقيقتين مختلفين لزم أن يكون معنى واحد غير مختلف تمام ماهية حقيقتين مختلفتين ، وبطلانه من أجلى البديهيات ؛ هذا.
وما قاله جماعة في جواب الشبهة المذكورة على الدليل المذكور يرد عليه اشكال قوي ، وهو : انّه إذا كان ما به الاشتراك العرضي تابعا لما به الاشتراك يلزم أن لا يكون مفهوم الوجود عين الوجود العامّ المنتزع مشتركا معنويا بين الواجب والممكنات ، لأنّه إذا كان مشتركا معنويا بينهما يلزم أن يكون مستندا إلى ما به الاشتراك ذاتي بينهما ـ بناء علي المقدّمة المذكورة ـ ، فيلزم التركّب في الواجب ـ سبحانه ـ. ولأجل ذلك ذهب جماعة إلى القول بالاشتراك اللفظي ؛ وفساد هذا القول أظهر من أن يخفى على أحد.
وأنكر الأكثر المقدّمة المذكورة وقالوا : لا مانع من انتزاع أمر وحدانى من أمور متخالفة بأنفسها ؛
وأجابوا عن الشبهة الكمونية بما ذكرناه سابقا من أنّ وجوب الوجود ليس عرضيا ، إذ وجود الواجب ـ سبحانه ـ عين ذاته والوجوب ليس إلاّ تأكّد الوجود ـ أي : كون الشيء موجودا في حدّ ذاته من غير افتقار إلى شيء ـ ، فهو أيضا عين الذات ؛ وإذا كان عين الذات فلا يمكن أن يكون عرضيا. والحقّ إنّ وجوب الوجود ليس عرضا وهو تأكّد الوجود ـ أي : صرف الوجود ومحضه ـ ، فلا يمكن أن يكون متعدّدا ـ كما